فصل
ثم ذكر عن «يعقوب» عليهالسلام أنه قال لرءوبين في ذلك الوقت : أنت أول المواهب مفضل في الشرف ، مفضل في العز ، ولا تفضل منهملة ماء.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : هذا كلام يكذب أوّله آخره.
فصل
تنبأ التوراة بإعطاء أولاد يهوذا القيادة
ثم ذكر أنه عليهالسلام قال «ليهوذا» حينئذ : لا تنقطع من «يهوذا» المخصرة (١) ولا من نسله قائد حتى يأتيني المبعوث الذي هو رجاء الأمم.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : وهذا كذب قد انقطعت من ولد «يهوذا» المخصرة وانقطعت من نسله القواد ، ولم يأت المبعوث الذي هو رجاؤهم. وكان انقطاع الملك من ولد «يهوذا» من عهد «بخت نصر» مذ أزيد من ألف عام وخمسمائة عام إلا مدة يسيرة ، وهي مدة «زربائيل» بن «صلثائيل» فقط. وقد قررت على هذا الفصل أعلمهم وأجدلهم ، وهو «أشموال بن يوسف اللاوي» الكاتب المعروف بابن النغرال في سنة أربع وأربعمائة فقال لي : لم تزل رءوس الجواليت ينتسلون من ولد داود وهم من بني «يهوذا» وهي قيادة وملك ورئاسة ، فقلت : هذا خطأ لأن رأس الجالوت لا ينفذ أمره على أحد من اليهود ولا من غيرهم ، وإنما هي تسمية لا حقيقة لها ، ولا له قيادة ، ولا بيده مخصرة ، فكيف وبعد أحزيا بن بورام لم يكن من بني «يهوذا» وال أصلا مدة ستة أعوام ، ثم بعده نشأ الملقب «صدقيا» بن «يوشيا» ، لم يكن منهم لأحد له معين ، ولا من يملك على أحد اثنين وسبعين عاما متصلة حتى ولي «زربائيل» ثم انقطع الولادة منهم جملة ، لا رأس «جالوت» ولا غيره مدة ولاة الهارونيين ملكا ملكا مئين من السنين ليس لأحد من «يهوذا» في ذلك أمر إلى دولة المسلمين أو قبلها بيسير ، فأوقعوا اسم رأس الجالوت على رجل من بني «داود» إلى اليوم ، إلّا أنّ بعض المؤرخين القدماء ذكر أن «هردوس» وابنيه ، وابن ابنه «أعريفاس» بن «أعريفاس» كانوا من بني «يهوذا» ، والأظهر أنهم من الروم عند كل مؤرخ ، فظهر كذب هؤلاء الأنذال بيقين ، وحاش لله أن يكذب نبي.
__________________
(١) المخصرة : ما يتوكأ عليه كالعصا ونحوها ، وقضيب يشار به في أثناء الخطابة والكلام ، وكان يتخذه الملوك والخطباء (المعجم الوسيط : ص ٣٢٧). والمراد : لا ينقطع عنهم السلطان.