و «يعقوب» لاورثها نسلهم ، وأبعث بين يديك ملكا لإخراج «الكنعانيين» ، و «الأموريين» ، و «الحيثيين» ، و «الفرزيين» ، و «الحويين» ، و «اليبوسيين» ـ تدخل في أرض تفيض لبنا وعسلا ، لست أنزل معكم لأنكم أمة قساة الرقاب لئلا تهلك بالطريق. فلما سمعت العامة هذا الوعيد الشديد عجبت ولم تأخذ زينتها ، فقال السيد لموسى : قل لبني إسرائيل أنتم أمة قد قست رقابكم سأنزل عليكم مرة وأهلككم ، فضعوا زينتكم لأعلم ما أفعل بكم.
وبعد ذلك بفصول قال : «إن موسى قال لله تعالى : إن كنت سيدي عني راضيا فأنا أرغب إليك أن تذهب معنا».
وبعد ذلك : «إن الله تعالى قال لموسى : سأخرج بنفسي بين يديك».
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : في هذا الفصل كذبتان وتشبيه محقق أما الكذبتان : فإحداهما قوله : إنه سيبعث بين يدي موسى ملكا لإخراج الأعداء ، وأما هو تعالى فليس ينزل معهم ثم نزل معهم ، وهذا كذب لا مخلص منه ، تعالى الله عن هذا ، وحاش له من أن يقول سأفعل ثم لا يفعل ، وأن يقول لا أفعل ثم يفعل.
والثانية قوله : «إني سأنزل لكم مرة وأهلككم» ثم لم يفعل. حاش لله من هذا.
وأما التشبيه المحقق : فامتناعه من أن ينزل بنفسه ، واقتصاره على أن يبعث ملكا لنصرتهم ، ثم أجاب إلى النزول معهم ، وهذا لا يسوغ فيه ما يسوغ في حديث التنزيل من أنه فعل بفعله تعالى ، لأنه لو كان هذا لكان إرسال الملك أقوى ما يوجد في العالم ، فإذ (١) قد بطل فقد صح أنه نزول نقلة ولا بد.
فصل
ادعاء التوراة أن الله وعد موسى أن يراه من ظهره لا من وجهه
وفي خلال هذه الفصول قال : وكان السيد يكلم «موسى» مواجهة فما بفم كما يكلم المرء صديقه ، وأن موسى رغب إلى الله تعالى أن يراه ، وأن الله تعالى قال له : سأدخلك في حجر ، وأحفظك بيميني حتى أجتاز ثم أرفع يدي وتبصر ورائي لأنك لا تقدر أن ترى وجهي.
__________________
(١) كانت في الأصل : «فإذا» والصواب ما أثبتناه.