توراتهم إنها بنت «يثرون» المدياني ، وهو بلا شك من ولد «مدين بن إبراهيم» عليهالسلام فأحد هذين القولين يكذب الآخر.
فصل
طلب موسى من الأسباط أن يخرجوا للأرض المقدسة
ذكر كما ذكرنا أن في الشهر الثاني من السنة الثانية من خروجهم من مصر كان طلبهم اللحم كما ذكرنا ، وأنه بعد ذلك وقع لهارون و «مريم» الشغب مع «موسى» أخيهما عليهالسلام ـ كما ذكرنا ـ وأن «مريم» مرضت وأخرجت من المعسكر سبعة أيام حتى برئت ثم رجعت ، وأن بعد ذلك وجه «موسى» عليهالسلام الاثني عشر رجلا الذين كان من جملتهم «هوشع (١) بن نون» الأفرايمي ، و «كالب بن يفنّة» اليهوذاني ، ليروا الأرض المقدسة وذكر أنهم طافوها في أربعين يوما ، ثم رجعوا ، وخوّفوا بني إسرائيل ، حاشا «كالب» و «هوشع». وأن الله تعالى سخط عليهم ، وأهلكهم ، وأوحى إلى موسى : «أما جيفكم فستكون ملقاة في المفاز ، ويكون أولادكم سابحين في المفاز أربعين سنة على عدد الأربعين يوما التي دوختم فيها البلد ، أجعل لكم كل يوم سنة ، وتكافئون أربعين سنة بخطاياكم». وأنهم بقوا في التيه أربعين سنة ، فلما أتموها أمرهم الله عزوجل بالحركة فتحركوا ، ثم ماتت «مريم» أخت «موسى» عليهالسلام ، ثم مات «هارون» عليهالسلام ، ثم حارب «موسى» «عوج» و «سحون» الملكين ، وأخذ بلادهما ، وأعطى بلادهما لبني رؤوبين ، و «بني جادا» ، ونصف سبط «منسى» ثم حارب المدنيين (٢) وقتل ملوكهما ، ثم إنه عليهالسلام مات وله مائة سنة وعشرون سنة.
وفي صدر توراتهم : أنه عليهالسلام إذ خرج عن مصر كان له ثمانون سنة هذا كله نص توراتهم حرفا حرفا.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : هذا كذب فاحش ، وقد قلنا : إن الذي عمل لهم التوراة التي بأيديهم كان قليل العلم بالحساب ، ثقيل اليد فيه جدّا ، أو عيّارا (٣) ،
__________________
(١) المعروف «يوشع» بالياء.
(٢) كذا بالأصل ، ولعلها «المديانيين».
(٣) العيّار من الرجال : الذي يخلّي نفسه وهواها لا يردعها ولا يزجرها (المعجم الوسيط : ص ٦٣٩).