الاعتراض الثالث :
وقالوا أيضا : إن كان للأجسام محدث لم يخل من أحد ثلاثة أوجه :
إمّا أن يكون مثلها من جميع الوجوه.
وإمّا أن يكون خلافها من جميع الوجوه.
وإمّا أن يكون مثلها من بعض الوجوه وخلافها من بعض الوجوه.
قالوا : فإن كان مثلها من جميع الوجوه لزم أن يكون محدثا مثلها ، وهكذا في محدثه أيضا أبدا.
وإن كان مثلها في بعض الوجوه لزمه أيضا من مماثلتها في ذلك البعض ما يلزمه من مماثلته لها في جميع الوجوه من الحدوث ، إذ الحدوث لازم للبعض كلزومه للكل ولا فرق.
وإن كان خلافها من جميع الوجوه فمحال أن يفعلها ، لأن هذا هو حقيقة الضد والتناقض إذ لا سبيل إلى أن يفعل الشّيء ضدّه من جميع الوجوه كما لا تفعل النار التبريد.
الاعتراض الرابع :
وقالوا أيضا : لا يخلو إن كان للعالم فاعل من أن يكون فعله لإحراز منفعة ، أو لدفع مضرة ، أو طباعا ، أو لشيء من ذلك.
قالوا : فإن كان فعله لإحراز منفعة ، أو لدفع مضرة ، فهو محل المنافع والمضار ، وهذه صفة المحدثات عندكم فهو محدث مثلها.
قالوا : وإن كان فعله طباعا فالطباع موجبة لما حدث بها فالفعل لم يزل معه.
قالوا : وإن كان فعله لا لشيء أصلا فهذا لا يعقل ، وما خرج عن المعقول فمحال.
الاعتراض الخامس :
وقالوا أيضا : لو كانت الأجسام محدثة لكان محدثها قبل أن يحدثها فاعلا لتركها ، قالوا وتركها لا يخلو من أن يكون جسما أو عرضا. وهذا يوجب أن الأجسام والأعراض لم تزل موجودة.