كيف حرفت التوراة؟
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : ونحن نصف إن شاء الله تعالى حال كون التوراة عند بني إسرائيل من أول دولتهم إثر موت موسى عليهالسلام إلى انقراض دولتهم ، إلى رجوعهم إلى بيت المقدس إلى أن كتبها لهم «عزرا» الوراق بإجماع من كتبهم ، واتفاق من علمائهم دون خلاف يوجد من أحد منهم في ذلك ، وما اختلفوا فيه من ذلك ، نبهنا عليه ليتيقن كل ذي فهم أنها محرفة مبدلة ـ وبالله تعالى نستعين.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : دخل بنو إسرائيل الأردن وفلسطين والغور مع «يوشع بن نون» مدبر أمرهم عليهالسلام إثر موت «موسى» عليهالسلام ، ومع «يوشع» «العازار بن هارون عليهالسلام» صاحب السرادق بما فيه ، وعنده التوراة لا عند أحد غيره بإقرارهم ، فدبر «يوشع» عليهالسلام أمرهم في استقامة وألزمهم للدّين إحدى وثلاثين سنة مذ مات «موسى» عليهالسلام إلى أن مات «يوشع» ثم دبرهم «فينحاس بن العازار بن هارون» وهو صاحب السرادق ، والكوهن الأكبر ، والتوراة عنده لا عند أحد غيره خمسا وعشرين سنة في استقامة والتزام للدين ، ثم مات وطائفة منهم عظيمة يزعمون أنه حيّ إلى اليوم وثلاثة أنفس إليه ، وهم «إلياس» النبي الهاروني عليهالسلام ، وملكيصيدق بن قالع بن عامر بن أرفخشاذ بن سام بن نوح عليهالسلام ، والعبد الذي بعثه إبراهيم عليهالسلام ليزوّج إسحاق عليهالسلام «رفقة بنت بتوئيل بن ناخور» أخي إبراهيم عليهالسلام ، فلما انقضت المدة المذكورة «لفينحاس» «بن العازار» ، كفر بنو إسرائيل ، وارتدوا كلهم ، وعبدوا الأوثان علانية ، فملكهم كذلك ملك «صور» و «صيدا» مدة ثمانية أعوام على الكفر ، ثم دبّر أمرهم «عثنيال بن قنار ابن أخي كالب بن يفنة بن يهوذا» أربعين سنة على الإيمان ، ثم مات فكفر بنو إسرائيل كلهم ، وارتدّوا ، وعبدوا الأوثان علانية ، فملكهم كذلك «عغلون» ملك «بني مواب» ثماني عشرة سنة على الكفر ، ثم دبر أمرهم «أهوذ بن قار» ، قيل إنه من سبط «أفرايم» ، وقيل من سبط «بنيامين» ، واختلف أيضا في مدة رئاسته ، فقيل ثمانون سنة ، وقيل خمس وخمسون سنة على الإيمان إلى أن مات. ثم دبرهم «سمعان بن غاث ابن سبط أشار» خمسا وعشرين