عجب. فإذ لا سبيل إلى ما يصحح هذه الدعوى فهي كذب ، ووضح الكذب في أحد النسبين ضرورة عيانا ، والحمد لله رب العالمين.
فصل
وفي الباب الثالث من إنجيل متى : فلحق يسوع ـ يعني المسيح ـ بالمفاز وساقه الروح إلى هنالك ، ولبث به ليقيس إبليس فيه ، فلما أن صام أربعين يوما بلياليها جاع ، فوقف إليه الجساس وقال له : إن كنت ولد الله فأمر هذه الجنادل (١) تصير لك خبزا. فقال يسوع : قد صار مكتوبا بأن عيش المرء ليس بالخبز وحده ، لكن في كل كلمة تخرج من فم الله تعالى.
وبعد هذا أقبل إليه إبليس في المدينة المقدسة ، وهو واقف في أعلى بنيانها وقال له : إن كنت ولد الله فترام من فوق ، فإنه قد صار مكتوبا بأنه سيبعث ملائكته يرفدونك ، ويدفعون عنك ، حتى لا يصيب قدمك مكروه ، فأجابه يسوع وقال له : قد صار مكتوبا أيضا ألا يقيس أحد العبيد إلهه. ثم عاد إليه إبليس وهو في أعلى جبل منيف فأظهر له زينة جميع الدنيا وشرفها وقال له : إني سأملكك كل ما ترى إن سجدت لي. فقال له يسوع : اذهب يا منافق مقهقرا ، فقد كتب ألّا يعبد أحد غير السّيّد الإله ، ولا يخدم سواه ، فتأيس عنه إبليس عند ذلك وتنحى عنه ، وأقبلت الملائكة وتولت خدمته.
وفي الباب الرابع من إنجيل لوقا : «فانصرف يسوع من الأردن محشوا من روح القدس ، وقاده الروح إلى القفار ، ومكث به أربعين يوما ، وقايسه إبليس فيه ، ولم يأكل شيئا في تلك الأربعين يوما ، فلما كملها جاع فقال له إبليس : إن كنت ابن الله فأمر هذا الحجر أن يصير خبزا فأجابه يسوع وقال له : قد صار مكتوبا أنه ليس عيش الآدمي في الخبز وحده إلا في كل كلمة لله ، ثم قاده إبليس إلى جبل منيف عال ، وعرض عليه ملك جميع الدنيا في وقته. وقال له : سأملكك هذا السلطان ، وأبرأ إليك بعظمته لأني قد ملكته وأنا أعطيه من وافقني ، فإن سجدت لي كان لك أجمع. فأجابه يسوع : قد صار مكتوبا أن تعبد السيد إلهك ، وتخدمه وحده ، ثم ساقه إلى برشلام (٢) وصعده ووقفه على صخرة البيت في أعلاه وقال له : إن كنت ولد الله فتسيب من هاهنا ، لأنه
__________________
(١) جمع جندل ، وهو الحجر الكبير.
(٢) وهي أورشليم ، أي القدس.