إن كنت ابن الله فافعل كذا ، ولو لم يكن في الأناجيل إلا هذا الفصل الأبخر (١) وحده لكفى ، فكيف وله فيها نظائر جمّة ..؟!! ونحمد الله على السلامة.
فصل
قال أبو محمد : وذكر في الفصل الذي تكلمنا عليه أن المسيح عليهالسلام أحشي من روح القدس ، وفي أول باب من إنجيل لوقا أن يحيى بن زكريا أحشي من روح القدس في بطن أمه ، وأن أم يحيى أحشيت أيضا من روح القدس ، فما ترى للمسيح من روح القدس إلا كالذي ليحيى ولأم يحيى من روح القدس ، ولا فرق فأي فضل له عليهما.
فصل
قال أبو محمد : وفي الباب الثالث من إنجيل متّى : فلما بلغه عن حبس يحيى بن زكريا تنحى إلى جلجال ، وتخلى من مدينة الناصرة ، ورحل وسكن في كفر «ناحوم» ، على الساحل في زابلون وتفتالي ، ليتم قول شعيا النبي حيث قال : أرض زابلون وتفتالي وطريق البحر خلف الأردن وجلجال الأجناس ، وكل من كان بها في ظلمة يبصرون نورا عظيما ، ومن كان ساكنا في ظلل الموت فيها يطلع النور عليهم ، ومن ذلك الموضع ابتدأ يسوع بالوصية ، وقال : توبوا فقد تدانى ملكوت السماء. وبينا هو يمشي على ريف بحر جلجال إذ بصر بأخوين ، أحدهما : يدعى شمعون المسمى باطرة ، والآخر : اندرياش وهما يدخلان شباكهما في البحر ، وكانا صيادين فقال لهما : اتبعاني أجعلكما صيادي الآدميين ، فتخليا وقتهما من شباكهما واتّبعاه ، ثم تحرك من ذلك الموضع وبصر بأخوين أيضا وهما يعقوب ويوحنا ابني سيذاي ، في مركب مع أبيهما يعدان شباكهما فدعاهما ، فتخليا ذلك الوقت من شباكهما ومن أبيهما ومتاعهما ، واتّبعاه. هذا نص كلام متّى في إنجيله حرفا حرفا.
وفي أول باب من إنجيل مارقش قال : فبعد أن ثل بيحيى أقبل يسوع إلى جلجال ملك الله ، وقال : إن الزمان قد تمّ وتدانى ملك الله ، فتوبوا وتقبلوا الإنجيل. فلما خطر جوار بحر جلجال ، نظر إلى شمعون واندرياش وهما يدخلان شباكهما في البحر ، وكانا صيادين ، فقال لهما يسوع : اتبعاني أجعلكما صيادين للآدميين ، فتركا تلك
__________________
(١) الأبخر : المنتن (المعجم الوسيط : ص ٤١).