الباب السابع من إنجيل لوقا ، إلا أنه قال فيها : إن أباها قال له قد أشرفت على الموت وأنه نهض معه فلقيه رسول يخبره بأن الجارية قد ماتت ، فلا تعنّه (١). وأن المسيح قال لأبيها : لا تخف وآمن فتحيا. فلما بلغ البيت لم يدخل مع نفسه في البيت إلا باطرة ويحيى ويعقوب وأبوي الجارية ، وكانت الجماعة تبكي وتلتدم فقال هم : لا تبكوا فإنها راقدة وليست ميتة ، فاستهزءوا به معرفة بموتها فأخذ بيدها ودعاها وقال : يا جارية قومي فانصرف فيها روحها ، وقامت من وقتها وأمرت بأن تطعم طعاما وحار أبوها وأمرهما ألا يعلم أحد بما فعل. وذكر مثل ذلك في الباب الخامس من إنجيل مارقش.
قال أبو محمد : في هذا الفصل مصائب جمة أحدها : كان يكفي في أنه إنجيل موضوع مكذوب أولها حكاياتهم عن المسيح أنه كذب جهارا إذ قال لهم لم تمت إنما هي راقدة ليست ميتة فإن كان صادقا في أنها ليست ميتة ، فلم يأت بآية ولا بعجيبة ، وحاشا لله أن يكذب نبي فكيف إله ..؟!! وليس لهم أن يقولوا : إن الآية هي إبراؤها من الإغماء ، لأن في نص إنجيلهم أنه قال لأبيها : آمن فتحيا ابنتك ، فلا بد من الكذب في أحد القولين.
والثانية : أن متّى ذكر أن أباها جاء إلى المسيح وهي قد ماتت وأخبره بموتها ودعاه لحييها ، ولوقا يقول : إن أباها أتى إلى المسيح وهي مريضة لم تمت وأتى به ليبرئها بعد ، وأن الرسول لقيه في الطريق وقال له : لا تعنّه فقد ماتت ، فأحد النذلين كاذب بلا شك ، فعليهما لعائن الله وسخطه فلا يجوز أخذ الدين عن كذاب.
والثالثة : انفراد المسيح عن الناس عند مجيئه بهذه الآية حاشا أبويها وثلاثة من أصحابه ، ثم استكتامه إياهم ذلك ، والآيات لا يطلب لها الخلوات ولا تستر عن الناس ، وفي الأناجيل مثل هذا كثير ، من أنه لم يقدر في بعض الأوقات على آية مرة بحضرة بلاطس ، ومرة بحضرة اليهود ، وأنه قال لمن طلب منه آية : إنكم لا ترون آية إلا آية يونس عليهالسلام إذ بقي في بطن الحوت ثلاثا ، وما كان هكذا فإنما هي أخبار مسترابة وكذبات مفتعلة ، ونقل عن من لا خير فيه ، وبالله تعالى التوفيق.
فصل
وفي الباب العاشر من إنجيل متّى أن المسيح جمع إلى نفسه اثني عشر رجلا
__________________
(١) أي لا تجهد نفسك بالذهاب إليها فإنها قد ماتت.