وفي الباب التاسع من إنجيل لوقا أن المسيح عليهالسلام قال لهم : لم نبعث لتلف الأنفس لكن لسلامتها.
وفي الباب العاشر من إنجيل يوحنا أن المسيح قال : من سمع كلامي ولم يحفظه فلست أحكم أنا عليه فإني لم آت لأحكم على الدنيا وأعاقبها لكن لأسلم أهل الدنيا.
قال أبو محمد : هذان الفصلان ضد الفصلين اللذين قبلهما ، وكل واحد من المعنيين يكذب الآخر صراحا ، فإن قيل : إنه إنما أراد أنه لم يبعث لتلف الأنفس التي آمنت به. قلنا : قد عمّ ولم يخصّ ، وبرهان بطلان تأويلكم هذا من أنه إنما عنى أنه لم يبعث لتلف النفوس المؤمنة به أنّه نص هذا الفصل في الباب التاسع من إنجيل لوقا ، هو كما نورده إن شاء الله تعالى قال عن المسيح : إنه بعث بين يديه رسلا وجعلوا طريقهم على السامرية ليعدوا له بها فلم يقبلوه لتوجهه إلى برشلام ، فلما رأى ذلك يوحنا ويعقوب قالا له : يا سيدنا أيوافقكم أن تدعو فتنزل عليهم نار من السماء وتحرق عامتهم كما فعل إلياس ..؟ فرجع إليهم وانتهرهم وقال : الذي أنتم له أرواح لم يبعث الإنسان لتلف الأنفس لكن لسلامتها. ثم توجهوا إلى حصن آخر.
قال أبو محمد : فارتفع الإشكال وصح أنه لم يعن بالأنفس التي بعث لسلامتها بعض النفوس دون بعض ، لكن عنى كل نفس كافرة به ومؤمنة به لأنه كما تسمعون إنما قال ذلك إذ أراد أصحابه هلاك الذين لم يقبلوه ، فظهر تكاذب الكلام الأول ، وحاشا لله أن يكذب المسيح عليهالسلام ، لكن الكذب بلا شك من الفساق الأربعة الذين كتبوا تلك الأناجيل المحرّفة المبدلة.
ثم في هذا الفصل نصّ جليّ على أنه مبعوث مأمور ، فصح أنه نبي كما يقول أهل الحق إن كانوا صدقوا في هذا الفصل وبالله تعالى التوفيق.
فصل
وفي الباب المذكور نفسه أن المسيح قال : من قبل نبيّا على اسم نبي فإنه يكافأ بمثل أجر النبي.
قال أبو محمد : وهذا كذب ومحال ، لأنه لا تفاضل للناس عند الله تعالى في الآخرة ، إلا بأجورهم التي يعطيهم الله تعالى فقط ، لا بشيء آخر أصلا ، فمن كان أجره فوق أجر غيره فهو بالضرورة أفضل منه ، والآخر بلا شك دون ، ومن كان أجره مثل أجر