آخر فهما بلا شك سواء في الفضل ، هذا يعلم ضرورة بالحس ، فلو كان كل من اتبع نبيا له مثل أجر النبي لكان أهل الإيمان كلهم في الآخرة سواء لا فضل لأحد على أحد عند الله تعالى ، وهذا يعلم أنه كذب ومحال بالضرورة ، ولو كان هذا لوجب أن يكون أجر كل كلب من النصارى مثل أجر باطره والتلاميذ وبولش ومارقش ولوقا ، وليس منهم أحد يقول بهذا ، ولا يدخله في الممكن ، فكلهم متفق على أن إلههم كذب ، وحاشا لله من أن يكذب نبي من أنبيائه ، أو رجل صادق من أهل الإيمان وبالله تعالى التوفيق.
فصل
الكلام في يحيى عليهالسلام
وفي الباب الثاني عشر من إنجيل متّى أن المسيح عليهالسلام قال وقد ذكر يحيى بن زكريا : أنا أقول لكم إنه أكثر من نبي وهو الذي قيل فيه وأنا باعث ملكي بين يديك ليعد لك طريقك.
قال أبو محمد : في هذا الفصل كذب في موضعين.
أحدهما : قوله في يحيى إنه أكثر من نبي وهذا محال ، لأنه لا يخلو يحيى وغير يحيى من إلا أن يكون رسولا نبيا ، ويحيى رسول بإجماعهم ، وإن كان لم يوح إليه فهذه منزلة يستوي فيها الكافر والمؤمن ، ولا يجوز أن يكون من لا يوحي الله تعالى إليه مثلا لمن استخصه عزوجل بالوحي إليه ، فكيف أن يكون أكثر منه ..؟
والكذبة الثانية : قوله إن يحيى هو الذي قيل فيه وأنا باعث ملكي بين يديك لأن يحيى عليهالسلام على هذا ملك ، وهذا كذب بحت لأنه إنسان ابن رجل وامرأة ، عاش إلى أن قتل ، وليس هذا صفة الملك ، ويحيى لم يكن ملكا. وفي هذا الفصل الذي بعد هذا أنه قال : إنّ يحيى آدمي فهذا القول كذب على كل حال ، وحاشا لله أن يكذب نبي ، ولا رجل فاضل ، وصح أن متّى الشرطي النذل هو الذي كذب ، فعليه ما على الكذابين أمثاله.
فصل
وفي الباب المذكور ، أن المسيح قال لهم : آمين أقول لكم لم يولد أحد من الآدميين أشرف من يحيى المعمّد ، ولكن من كان صغيرا وفي ملكوت السماء فهو أكبر منه.