من يوم ثان فقط ، وهذه كذبة لا خفاء بها فيما أخبر به المسيح ، لا بد منها أو كذب أصحاب الأناجيل ، وهم أهل الكذب وحسبنا الله.
فصل
وفي الباب الثالث عشر من إنجيل متّى أن المسيح قال : «يشبه ملكوت السماء بحبة خردل ، ألقاها رجل في فدانه ، وهي أدق الزراريع ، فإذا أنبتت استعلت على جميع البقول والزراريع ، حتى ينزل في أغصانها طير السماء ويسكن إليها».
قال أبو محمد : حاشا للمسيح عليهالسلام أن يقول هذا الكلام ، لكن النذل الذي قاله كان قليل البصارة بالفلاحة ، وقد رأينا نبات الخردل ، ورأينا من رآه في البلاد البعيدة ، فما رأينا قط ولا أخبرنا من رأى شيئا منه يمكن أن يقف عليه طائر ، ومثل هذه المسامحات لا تقع لنبي أصلا فكيف لله عزوجل.
فصل
وفي آخر الباب المذكور أنّ المسيح رجع إلى بلاده ، وجعل يوصي جماعتهم بوصايا يعجبون منها ، وكانوا يقولون : من أين أوتي هذه العلوم ، وهذه القدرة؟ أما هذا ابن الحدّاد وأمه مريم ، وإخوته يعقوب ، ويوسف ، وشمعون ، ويهوذا ، وأخواته؟ أما هؤلاء كلهم عندنا فمن أين أوتي هذا ..؟ وكانوا يشكون فيه. فقال لهم يسوع : «ليس يعدم النبي حرمته إلّا في بيته وبلده» ولتشككهم وكفرهم لم يطلع في ذلك الموضع عجائب كثيرة.
وفي الباب الخامس من إنجيل مارقش قال : وكانت الجماعة تسمع منه وتعجب العجب الشديد من وصيته ، ويقولون : من أين أوتي هذا؟ وما هذه الحكمة التي رزقها؟ ومن أين هذه الأعاجيب التي ظهرت على يديه؟ أليس هو ابن الحدّاد ، وابن مريم أخو يوسف ويعقوب وشمعون ويهوذا؟ أليس أخواته هنّ هاهنا معنا؟ وكان يقول لهم يسوع : لا يكون نبي بغير حرمة إلّا في وطنه وبين عشيرته ، وفي أهل بيته ، وليس كان يقوى أن يفعل هنالك آية ، لكن وضع يديه على مرضى قليل فأبرأهم.
وفي الباب الثاني من إنجيل لوقا : «فلما دخل الوالد المسيح البيت» وبعد هذا بيسير قال : «فكان يعجب منه أبوه وأمه» وبعده بيسير قول مريم أمه له : «وقد طلبك أبوك وأنا معك».