نرى «باطرة» المنتن وأصحابه الأرذال حصلوا من مفاتيح السماوات ، ومن خطة الألوهية إلّا على حلق اللّحى ، وإنها أحق لحى بالنتف. وعلى ضرب الظهور بالسياط والصلب. أمّا باطرة دبره إلى فوق ، ورأسه إلى أسفل. والحمد لله رب العالمين.
بيان أن ما يسميه النصارى بالحواريّين هم غير الحواريين
المنصوص عليهم في القرآن
قال أبو محمد : ليعلم كل مسلم أن هؤلاء الذين يسمّونهم النصارى ، ويزعمون أنهم كانوا حواريّين للمسيح عليهالسلام كباطرة و «متّى» الشرطي ، و «يوحنا» و «يعقوب» و «يهوذا» الأخسّاء لم يكونوا قط مؤمنين ، فكيف حواريّين؟ بل كانوا كذابين كفارا مستخفّين بالله إمّا مقرين بألوهية المسيح عليهالسلام معتقدين لذلك ، غالين فيه كغلوّ السبئية (١) ، وسائر الفرق الغالية في عليّ رضي الله عنه ، وكقول الخطابية (٢) بألوهية أبي الخطاب ، وأصحاب الحلّاج (٣) بألوهية الحلّاج ، وسائر كفار
__________________
(١) السبئية : هم أتباع عبد الله بن سبأ الذي غلا في علي رضي الله عنه وزعم أنه كان نبيّا ، ثم غلا فيه حتى زعم أنه إله ، ودعا إلى ذلك قوما من غواة الكوفة. ورفع خبرهم إلى علي رضي الله عنه فأمر بإحراق قوم منهم في حفرتين. ثم إن عليّا خاف من إحراق الباقين منهم شماتة أهل الشام وخاف اختلاف أصحابه عليه فنفى ابن سبأ إلى ساباط المدائن ، فلما قتل علي رضي الله عنه زعم ابن سبأ أن المقتول لم يكن عليّا وإنما كان شيطانا تصوّر للناس في صورة علي وأن عليّا صعد إلى السماء كما صعد إليها عيسى ابن مريم عليهالسلام. وزعم بعض السبئية أن عليّا في السحاب وأن الرعد صوته والبرق سوطه. وهذه الطائفة تزعم أن المهدي المنتظر هو عليّ دون غيره. وقال المحققون من أهل السنّة : إن عبد الله بن سبأ كان علي هوى دين اليهود وأراد أن يفسد على المسلمين دينهم بتأويلاته في علي وأولاده لكي يعتقدوا فيه ما اعتقدت النصارى في عيسى عليهالسلام. انظر الفرق بين الفرق (ص ١٧٧ ـ ١٧٩).
(٢) هم أتباع أبي الخطّاب الأسدي الذي قتله عيسى بن موسى والي الكوفة من قبل العباسيين سنة ١٤٣ ه. ويقول الخطابية إن الإمامة كانت في أولاد علي إلى أن انتهت إلى جعفر الصادق ، ويزعمون أن الأئمة كانوا آلهة. وكان أبو الخطاب يزعم أولا أن الأئمة أنبياء ، ثم زعم أنهم آلهة وأن أولاد الحسن والحسين كانوا أبناء الله وأحباءه ، وكان يقول : إن جعفرا إله. فلما بلغ ذلك جعفرا لعنه وطرده. وكان أبو الخطاب يدعي بعد ذلك الإلهية لنفسه ، وزعم أتباعه أن جعفرا إله غير أن أبا الخطاب أفضل منه وأفضل من علي. انظر الفرق بين الفرق (ص ١٨٨).
(٣) هم الحلّاجية المنسوبون إلى أبي المغيث الحسين بن منصور المعروف بالحلّاج. وكان من أرض فارس من مدينة يقال لها البيضاء ، وكان في بدء أمره مشغولا بكلام الصوفية ، وكانت عباراته حينئذ من الجنس الذي تسميه الصوفية الشطح. وقد اختلف فيه المتكلمون والفقهاء والصوفية ، فأما المتكلمون فأكثرهم على تكفيره ، وتوقف بعض الفقهاء في شأنه مثل أبي