رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حياته وبعده عليهالسلام.
وقال أبو محمد : وبقي لهما اعتراضان نذكرهما إن شاء الله تعالى.
أحدهما : أن قالوا قال الله عزوجل في كتابكم ، حكاية عن المسيح عليهالسلام ، أنه قال : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ) [سورة الصف : ١٤].
وقال تعالى أيضا مخاطبا للمسيح عليهالسلام : (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) [سورة آل عمران : ٥٥].
قلنا : نعم هذا خبر حق ، ووعد صدق ، وإنما أخبر تعالى عن المؤمنين ولم يسمهم ، ولا شك في أن من ثبت عليه الكذب من «باطرة» و «متّى» و «يوحنا» و «يعقوب» ليسوا منهم لكنهم من الكفار المدعين له الربوبية كذبا وكفرا ، وأمّا الموعودون بالنصر إلى يوم القيامة ، المؤمنون بالمسيح عليهالسلام ، فهم نحن المسلمين المؤمنين به حقا وبنبوّته ورسالته ، لا من كفر به وقال إنه كذّاب ، أو قال إنه إله أو ابن الله ـ تعالى الله عن ذلك ـ.
والثاني : أنهم قالوا : إن في كتابكم : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) [سورة الفجر : ٢٢]. وفيه (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ) [سورة البقرة : ٢١٠].
فهلا قلتم فيما في التوراة والإنجيل كما تقولون فيما في كتابكم؟
قلنا : بين الأمرين فرق بيّن كما بين قطبي الفلك ، وذلك أن الذي في القرآن ظاهر لا يحتاج فيه إلى تأويل ، فمعنى «وجاء ربك» و «يأتيهم الله» هو أمر معلوم في اللغة التي بها نزل القرآن ، مشهور فيها تقول : جاء الملك وأتانا الملك ، وإنما أتى جيشه وسطوته وأمره ، فليس فيما تلوتم أمر ينكر ، وليس كذلك ما كتب في توراتكم وأناجيلكم ، من التكاذب والتناقض ، والحمد لله رب العالمين.
قال أبو محمد : واعترضوا أيضا بأن قالوا : كيف تحققون نقلكم لكتابكم وأنتم مختلفون أشد خلاف في قراءتكم له ...؟ وبعضكم يزيد حروفا كثيرة وبعضكم يسقطها ...؟ فهذا باب. وأيضا : فإنكم تروون بأسانيد عندكم في غاية الصحة ، أن طوائف نبيكم عليهالسلام ومن تابعيهم الذين تعظمون وتأخذون دينكم عنهم قرءوا