القرآن بألفاظ زائدة ومبدّلة ، لا تستحلّون أنتم القراءة بها ، وأن مصحف عبد الله بن مسعود خلاف مصحفكم ، وأيضا فإن طوائف من علمائكم الذين تعظمون وتأخذون دينكم عنهم يقولون إن عثمان بن عفان رضي الله عنه أبطل قراءات كثيرة صحيحة ، وأسقطها إذ كتب المصحف الذي جمعكم عليه ، وعلى حرف واحد من الأحرف السبعة ، التي بها نزل القرآن عندكم ، وأيضا فإن الروافض يزعمون أن أصحاب نبيكم بدّلوا القرآن ، وأسقطوا منه ، وزادوا فيه؟
قال أبو محمد : كل هذا لا متعلق لهم بشيء منه على ما نبين بما لا إشكال فيه عند أحد وبالله تعالى التوفيق.
وأما قولهم : إننا مختلفون في قراءة كتابنا فبعضنا يزيد حروفا وبعضنا يسقطها ، فليس هذا اختلافا بل هو اتفاق منّا صحيح ، لأن تلك الحروف وتلك القراءات كلها مبلغ بنقل الكواف إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنها نزلت كلها عليه ، فأيّ تلك القراءات قرأنا فهي قراءة صحيحة ، وهي محصورة كلها مضبوطة معلومة لا زيادة فيها ولا نقص ، فبطل التعلق بهذا الفصل ولله تعالى الحمد.
وأمّا قوله : إنه قد روي بأسانيد صحاح عن طائفة من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ومن التابعين الذين نعظم ونأخذ ديننا عنهم ، أنهم قرءوا في القرآن قراءات لا نستحل نحن القراءة بها ، فهذا حق ونحن وإن بلغنا الغاية في تعظيم أصحاب نبينا صلىاللهعليهوسلم ورضوان الله عليهم ، وتقرّبنا إلى الله عزوجل بمحبتهم فلسنا نبعد عنهم الوهم والخطأ ، ولا نقلدهم في شيء مما قالوه ، وإنما نأخذ عنهم ما أخبرونا به عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، مما هو عندهم بالمشاهدة والسماع ، لما ثبت من عدالتهم وثقتهم وصدقهم.
وأما عصمتهم من الخطأ فيما قالوا برأي أو بظن فلا نقول بذلك ، ولو أنكم أنتم فعلتم كذلك بأحباركم وأساقفتكم الذين بينكم وبين الأنبياء عليهمالسلام ما عنفناكم ، بل كنتم على صواب وهدى ، متبعين للحق المنزل ، مجانبين للخطأ المهمل ، لكن لما لما تفعلوا هكذا بل قلدتموهم في كل ما شرعوه لكم هلكتم في الدنيا والآخرة ، وتلك القراءات التي ذكرتم إنما هي موقوفة على الصاحب أو التابع ، فهي ضرورة وهم من الصاحب ، والوهم لا يعرّى منه أحد بعد الأنبياء عليهمالسلام. أو وهم ممن دونه في ذلك.
وأما قولهم : إن مصحف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه خلاف مصحفنا ، فباطل وكذب وإفك ، مصحف عبد الله بن مسعود إنما فيه قراءته بلا شك ، وقراءته هي