أطعنا رسول الله إذ كان نبيا |
|
فيا لهفا ما بال دين أبي بكر |
أيورثها بكرا إذا مات بعده |
|
فتلك لعمرو الله قاصمة الظهر |
وإن التي طالبتم فمنعتم |
|
لكالتمر أو أحلى لديّ من التمر |
يعني الزكاة ثم ذكر القبائل الثابتة على الطاعة فقال :
فباست بني سعد وأستاه طيئ |
|
وباست بني دودان حاشى بني نضر |
قال أبو محمد : لكن والله بأستاه بني نضر ، وباست الحطيئة ، حلت الدائرة والحمد لله رب العالمين.
وطائفة ثالثة أعلنت الكفر والردة ، كأصحاب طليحة وسجاح (١) ، وسائر من ارتد ، وهم قليل بالإضافة إلى من ذكرنا ، إلا أن في كل قبيلة من المؤمنين من يقاوم المرتدين ، فقد كان باليمامة ثمامة بن أثال الحنفي ، في طوائف مسلمين ، محاربين لمسيلمة ، وفي قوم الأسود أيضا كذلك ، وفي بني تميم ، وبني أسد الجمهور من المسلمين ، وطائفة رابعة توقفت فلم تدخل في أحد من الطوائف المذكورة ، وبقوا يتربّصون لمن تكون الغلبة كمالك بن نويرة وغيره ، فأخرج أبو بكر رضي الله عنه إليهم البعوث فقتل مسيلمة ، وقد كان فيروز وذادوند (٢) الفارسيّان الفاضلان رضي الله عنهما قتلا «الأسود العنسي» فلم يمض عام واحد حتّى راجع الجميع الإسلام ، أوّلهم عن آخرهم ، وأسلمت سجاح وطليحة وغيرهم ، وإنما كانت نزغة من الشيطان كنار اشتعلت فأطفأها الله تعالى للوقت ، ثم مات أبو بكر وولي عمر رضي الله عنهما ، ففتحت بلاد فارس طولا وعرضا ، وفتحت الشام كلها والجزيرة ، ومصر كلّها ، ولم يبق بلد إلّا وبنيت فيه المساجد ، ونسخت المصاحف ، وقرأ الأئمة القرآن وعلّمه الصبيان ، في المكاتب شرقا وغربا ، وبقي كذلك عشرة أعوام وأشهرا والمؤمنون كلهم لا اختلاف بينهم في شيء بل ملّة واحدة ومقالة واحدة ، وإن لم يكن عند المسلمين إذ مات عمر مائة ألف مصحف ، من مصر إلى العراق إلى الشام إلى اليمن ، فما بين ذلك ، فلم يكن أقل.
ثم ولي «عثمان» رضي الله عنه فزادت الفتوح ، واتسع الأمر ، فلو رام أحد إحصاء
__________________
مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام فأسلم ، ثم ارتدّ. وكان هجّاء مرّا لم يكد يسلم من لسانه أحد ، وهجا أمه وأباه ونفسه. انظر الأغاني (٢ / ١٥٧ ـ ٢٠٢) والأعلام للزركلي (٢ / ١١٠) ومعجم المؤلفين (٣ / ١٢٩).
(١) كذا في الأصل. والمشهور من اسمها «سجاح».
(٢) المعروف من اسمه «داذويه» كما في الكامل لابن الأثير (٢ / ٢٢٧).