مؤمن ولا كافر ، منصف غير معاند للمشاهدة ، وهو القرآن المكتوب في المصاحف في شرق الأرض وغربها لا يشكّون ولا يختلفون في أنّ محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أتى به ، وأخبر أن الله عزوجل أوحى به إليه ، وأنّ من اتبعه أخذه عنه كذلك ، ثم أخذ عن أولئك حتى بلغ إلينا. ومن ذلك الصلوات الخمس ، فإنه لا يختلف مؤمن ولا كافر ، ولا يشك أحد في أنّه صلّاها بأصحابه كلّ يوم وليلة في أوقاتها المعهودة وصلّاها كذلك كلّ من اتبعه على دينه حيث كانوا كل يوم هكذا إلى اليوم ، لا يشكّ أحد في أنّ أهل السند يصلّونها كما يصليها أهل الأندلس ، وأن أهل أرمينية يصلّونها كما يصليها أهل اليمن ، وكصيام شهر رمضان فإنه لا يختلف كافر ولا مؤمن ، ولا يشك أحد في أنه صامه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وصامه معه كل من اتبعه في كل بلد كلّ عام ثم كذلك جيلا فجيلا إلى يومنا هذا ، وكالحج فإنه لا يختلف مؤمن ولا كافر ولا يشك أحد في أنه عليهالسلام حج مع أصحابه ، وأقام مناسك الحج ، ثم حجّ المسلمون من كل أفق من الآفاق كل عام في شهر واحد معروف إلى اليوم ، وكجملة الزكاة ، وكسائر الشرائع ، التي في القرآن من تحريم القرائب والميتة والخنزير ، وسائر شرائع الإسلام وكآياته من شق القمر ، ودعاء اليهود إلى تمنّي الموت ، وسائر ما هو في نصّ القرآن مقروء ومنقول ، وليس عند اليهود ، ولا عند النصارى من هذا النقل شيء أصلا ، لأنّ نقلهم لشريعة السبت وسائر شرائعهم إنما يرجعون فيها إلى التوراة. ويقطع عن نقل ذلك ونقل التوراة إطباقهم أن أوائلهم كفروا بأجمعهم ، وبرئوا من دين موسى عليهالسلام ، وعبدوا الأوثان علانية دهورا طوالا ، ومن الباطل المحال أن يكون ملك كافر عابد أوثان وأمته كلّها معه ، كذلك يقتلون الأنبياء ويخنقونهم ، ويقتلون من دعا إلى الله عزوجل ، يشتغلون بسبت أو بشريعة مضافة إلى الله تعالى ، هذا الكذب الذي لا شك فيه.
ويقطع النصارى عن مثل هذا عدم نقلهم إلّا عن خمسة رجال فقط قد وضح الكذب عليهم إلى ما أوضحنا من الكذب الذي في التوراة وفي الإنجيل القاضي بتبديلهما بلا شك.
والثاني : شيء نقلته الكافّة عن مثلها حتى يبلغ الأمر كذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ككثير من آياته ومعجزاته التي ظهرت يوم الخندق ، وفي تبوك بحضرة الجيش. وككثير من مناسك الحج ، وكزكاة التمر والبرّ والشعير ، والورق (١) والإبل
__________________
(١) الورق : الفضة.