ويلزمهم أيضا أنّ من كان ساكنا في آخر المغرب أن الشمس لا تزول عن مقابلة ما بين حاجبي كل واحد منهم إلّا في آخر النهار ، فلا يصلّون الظهر إلّا في وقت لا يتسع لصلاة العصر حتى تغرب الشمس ، وهذا خارج عن حكم دين الإسلام.
وأمّا من قال بتكويرها : فإن كل من على ظهر الأرض لا يصلي الظهر إلا إثر انتصاف نهاره أبدا على كل حال وفي كل زمان ، وفي كل مكان ، وهذا بيّن لا خفاء به. وقال عزوجل : (سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) [سورة الملك : ٨ وسورة نوح : ١٥].
وقال تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ) [سورة المؤمنون : ١٧].
وهكذا قام البرهان من قبل كسوف الشمس والقمر وبعض الدراري لبعض ـ أنها سبع سماوات ، وعلى أنها طرائق ، وقوله تعالى : (طَرائِقَ) يقتضي متطرقا فيها. وقال تعالى : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) [سورة البقرة : ٢٥٥].
وهذا نصّ ما قام عليه البرهان من انطباق بعضها على بعض ، وإحاطة الكرسيّ بالسبع السماوات والأرض ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فاسألوا الله الفردوس الأعلى ، فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوق ذلك عرش الرحمن» (١).
وقال عزوجل : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) [سورة طه : ٥].
فأخبر هذان النصّان بأنّ ما على العرش هو منتهى الخلق ونهاية العالم ، وقد قال تعالى : (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) [سورة الصافات : ٦ ، ٧].
وهذا هو نص ما قام عليه البرهان من أن الكواكب المرمي بها هي دون سماء الدنيا لأنها لو كانت في السماء لكان الشياطين يصلون إلى السماء ، أو كانت هي تخرج عن السماء وإلّا فكانت تلك الشهب لا تصل إليهم إلا بذلك ، وقد صح أنهم
__________________
(١) روى البخاري في الجهاد باب ٤ (حديث ٢٧٩٠) والتوحيد باب ٢٢ (حديث ٧٤٢٣) والترمذي في صفة الجنة باب ٤ ، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من آمن بالله وبرسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقّا على الله أن يدخله الجنة جاهد في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها» فقالوا : يا رسول الله أفلا نبشّر الناس؟ قال : «إن في الجنة مائة درجة أعدّها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة ـ أراه قال : وفوقه عرش الرحمن ـ ومنه تفجّر أنهار الجنة».