الذي كان على عهد أنوشروان بن قباذ ملك الفرس ، وكان يقول بوجوب تواسي (١) الناس في النساء والأموال.
قال أبو محمد : فإذا بلغ الناس إلى هذين الشعبين أخرجوه عن الإسلام كيف شاءوا ، إذ هذا هو غرضهم فقط ، فالله الله عباد الله في أنفسكم ولا يغرنكم أهل الكفر والإلحاد ، ومن موّه كلامه بغير برهان ، لكن بتمويهات ووعظ على خلاف ما آتاكم به كتاب ربكم ، وكلام نبيكم صلىاللهعليهوسلم فلا خير فيما سواهما ، واعلموا أنّ دين الله تعالى ظاهر لا باطن فيه ، وجهر لا سرّ تحته ، كلّه برهان لا مسامحة فيه ، واتّهموا كلّ من يدعو أن يتبع بلا برهان ، وكل من ادّعى أن لله ديانة سرّا وباطنا ، فهي دعاوى ومخارق واعلموا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لم يكتم من الشريعة كلمة فما فوقها ، ولا أطلع أخص الناس به من ابنة أو ابن عم أو زوجة أو صاحب على شيء من الشريعة ، كتمه عن الأحمر والأسود ، ورعاة الغنم ، ولا كان عنده عليهالسلام سرّ ولا رمز ، ولا باطن غير ما دعا الناس كلهم إليه ، فلو كتمهم شيئا لما بلّغ كما أمر ، ومن قال هذا فهو كافر ، فإيّاكم وكلّ قول لم يبن سبيله ، ولا وضح دليله ، ولا تعرجوا عمّا مضى عليه نبيكم صلىاللهعليهوسلم وأصحابه رضي الله عنهم.
قال أبو محمد : قد أوضحنا شنع جميع هذه الفرق في كتاب لنا لطيف اسمه : «النصائح المنجية من الفضائح المخزية والقبائح المردية من أقوال أهل البدع من الفرق الأربع : المعتزلة والمرجئة والخوارج والشيع».
ثم أضفناه إلى آخر كلامنا في النحل من كتابنا هذا.
وجملة الخير كله أن تلتزموا ما نصّ عليه ربكم تعالى في القرآن بلسان عربي مبين لم يفرّط فيه من شيء ، تبيانا لكل شيء ، وما صحّ عن نبيكم صلىاللهعليهوسلم برواية الثقات من أئمة أصحاب الحديث رضي الله عنهم مسندا إليه عليهالسلام فهما طريقان يوصلانكم إلى رضى ربكم عزوجل.
ونحن نبتدئ من هنا إن شاء الله تعالى بالكلام في المعاني التي هي عمدة ما افترق المسلمون عليه ، وهي التوحيد ، وهي التوحيد ، والقدر ، والإيمان ، والوعيد ، والإمامة ، والمفاضلة ، ثم أشياء يسميها المتكلمون اللطائف ، ونورد كلّ ما احتجّوا به ، ونبين بالبراهين الضرورية إن شاء الله تعالى وجه الحق في كل ذلك ، كما فعلنا فيما خلا ، بعون الله تعالى لنا وتأييده ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم. فأول ذلك :
__________________
(١) أي المشاركة.