في كلا المشتبهين لا بالأسماء ، وهذه التسمية إنّما هي اشتراك في العبارة فقط ، لأن الفاعل متحرّك باختيار لا بالأسماء ، وهذه التسمية إنّما هي اشتراك في العبارة فقط ، لأن الفاعل متحرّك باختيار أو عارف ، أو شاكّ ، أو مريد أو كاره باختيار وضمير ، فكلّ فاعل متحرّك ذو ضمير ، وكلّ متحرّك فذو حركة ، والحركة وأعراض الضمائر انفعالات ، فكل متحرّك منفعل ، وكل منفعل فلفاعل ضرورة ، وأمّا الباري تعالى ففاعل باختيار واختراع ، لا بحركة ولا ضمير ، فهذا اختلاف لا اشتباه. وبالله تعالى التوفيق.
وكذلك العرض ليس جسما ، وقولنا الجسم ليس عرضا ، والباري تعالى ليس جسما ولا عرضا فهذان الحكمان لا يوجبان اشتباها أصلا بل هذا عين الاختلاف ، لأن الاشتباه إنّما يكون بإثبات معنى في المشتبهين به اشتبها ، ولو أوجب ما ذكرنا اشتباها لوجب أن يكون يشبه الجسم في الجسمية لأنه ليس عرضا ، وأن يكون يشبه العرض في العرضيّة لأنّه ليس جسما فكان يكون جسما عرضا معا ، وهذا محال ، فصحّ أن بالنفي لا يصح الاشتباه وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد : ومن قال إنّ الله تعالى جسم لا كالأجسام فهو ملحد في أسمائه إذ سماه عزوجل بما لم يسمّ به نفسه.
وأمّا من قال إنه تعالى كالأجسام فهو ملحد في أسمائه ومشبّه مع ذلك.
مطلب إطلاق الصفات
قال أبو محمد : وأمّا إطلاق لفظ الصفات لله تعالى عزوجل فمحال لا يجوز لأن الله تعالى لم ينصّ قط في كلامه المنزل على لفظ الصّفات ، ولا على لفظ الصفة ولا جاء قط عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم بأن الله تعالى صفة أو صفات ، نعم ولا جاء قط ذلك على أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، ولا عن أحد من خيار التّابعين ، ولا عن أحد تابعي التابعين ، وما كان هكذا فلا ينبغي لأحد أن ينطق به.
ولو قلنا : إن الإجماع قد تيقّن على ترك هذه اللفظة لصدقنا ، فلا يجوز القول بلفظ الصفات ولا اعتقاده ، بل ذلك بدعة منكرة قال الله تعالى : (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى) [سورة النجم : ٢٣].
قال أبو محمد : وإنّما اخترع لفظة الصّفات المعتزلة ، وسلك سبيلهم قوم من أصحاب الكلام ، سلكوا غير مسلك السلف الصّالح ليس فيهم أسوة ولا قدوة وحسبنا الله ونعم الوكيل ، (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) [سورة الطلاق : ١].