وقال تعالى : (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ) [سورة الأعراف : ٩٩].
وقال تعالى : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) [سورة آل عمران : ٥٤].
وقال تعالى : (وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً) [سورة النمل : ٥٠].
وقال تعالى : (فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً) [سورة الرعد : ٤٢].
وقال تعالى : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) [سورة التوبة : ٦٧].
وقال تعالى : (سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ) [سورة التوبة : ٧٩].
فيلزمهم إذا سمّوا ربّهم ووصفوه من طريق استدلالهم وقياسهم وما شاهدوه في الحاضر عندهم أن يسمّوه ماكرا ، فيقولون : يا ماكر ارحمنا ، ويسمّوا بينهم : «عبد الماكر» ، وكذلك القول في الكيّاد والمستهزئ ، والخدّاع ، والناسي ، والساخر. وإلّا فقد تناقضوا وتلاعبوا بصفات ربهم تعالى وبدينهم.
فإن قالوا : هذه الصفات ذمّ وعيب ، وإنما نصفه عزوجل بصفات المدح ، لزمهم مصيبتان عظيمتان ، إحداهما : إطلاقهم أنّ الله عزوجل أخبر عن نفسه في هذه الآيات بصفات الذمّ والعيب ، وهذا كفر.
والثاني : أن يصفوا ربّهم بكل صفة مدح وحمد فيما بينهم ، وإن لم يأت بها نصّ ، وإلا فقد تناقضوا وقصّروا ، فيصفوه بأنه عاقل ، وأنه شجاع ، جلد ، سخي ، حسن الأخلاق ، نزيه النفس ، تام المروءة ، كامل الفضائل ، ذو هيئة ، نبيل ، نعم المرء.
ويقولوا : إنّه تيّاه قياسا على أنه تعالى : جبّار ، متكبر.
ويقولوا : إنه مستكبر ، فهو والمتكبر في اللغة سواء. وذو تيه وعجب ، وزهو ، ولا فرق بين هذا وبين المكر والكبرياء. فإن فعلوا هذا خرجوا عن الإسلام بالإجماع إلّا أن يعتذروا بشدّة الجهل وظلمته وعماه ، وأن يفروا عن ذلك ، ويتركوا ما دانوا به من تسمية الله تعالى ووصفه بأنّ له سمعا وبصرا ، وسائر ما وصفوه تعالى به بآرائهم الفاسدة ممّا لم يأت به نص ، كقولهم : قديم ، ومتكلم ، ومريد ، وأن له تعالى إرادة لم تزل ، وسائر ما اجترءوا عليه بغير برهان من الله عزوجل.
وأيضا : فإنّ هذه الصفات التي منعوا منها لأنها بزعمهم صفات ذم ، فإن السمع والبصر والحياة أيضا صفات نقص لأنها أعراض دالّة على الحدوث فيمن هي فيه.
فإن قالوا : ليست لله تعالى كذلك.
قيل لهم : ولا تلك الصفات أيضا إذا أطلقتموها عليه أيضا صفات ذم ولا فرق.