غير مأخوذة عن نبي أصلا فهي معاص مفتراة على الله عزوجل بيقين لا شك فيه. وبالله تعالى التوفيق.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : وهذا حين نبدأ بعون الله وتوفيقه وتأييده إن شاء الله لا إله إلّا هو في تبيين أن الواحد ليس عددا فنقول وبالله تعالى التوفيق :
إن خاصة العدد هو أن يوجد عدد آخر مساو له ، وعدد آخر ليس مساويا له ، هذا شيء لا يخلو منه عدد أصلا.
والمساواة هي : أن تكون أبعاضه كلها مساوية له إذا جزئت ، ألا ترى أن الفرد والفرد مساويان للاثنين ، وأن الزوج والفرد ليسا مساويين للزوج الذي هو الاثنان ، والخمسة مساوية للاثنين والثلاثة ، غير مساوية للثلاثة وهكذا كل عدد في العالم؟ فهذا معنى قولنا : إن المساوي وغير المساوي هو خاصة العدد ، وهذه المساواة أردنا لا غيرها ، فلو كان للواحد أبعاض مساوية له لكان كثيرا بلا شك ، لأن الواحد المطلق على الحقيقة هو الذي ليس كثيرا ، هذا ما لا شك فيه عند كل ذي حس سليم. وكان ما كان له أبعاض فهو مركب كثيرا (١) بلا شك ، فهو إذا بالضرورة ليس واحدا ، فالواحد ضرورة هو الذي لا أبعاض له ، فإذ لا شك فيه فالواحد الذي لا أبعاض له تساويه عددا ، وهو الذي أردنا أن نبين ، وأيضا فإن الحسّ وضرورة العقل يشهدان بوجود الواحد إذ لو لم يكن الواحد موجودا لم يقدر على عدد أصلا ، إذ الواحد مبدأ العدد والمعدود الذي لا يوصل إلى عدد ولا معدود إلّا بعد وجوده ، ولو لم يوجد الواحد لما وجد في العالم عدد ولا معدود أصلا ، والعالم كله أعداد ومعدودات موجودة ، فالواحد موجود ضرورة. فلما نظرنا في العالم كله نظرا طبيعيا ضروريا لم نجد فيه واحدا على الحقيقة البتة بوجه من الوجوه ، لأن كل جرم من العالم فمنقسم محتمل للتجزئة متكثر بالانقسام أبدا بلا نهاية ، وكل حركة فهي أيضا منقسمة بانقسام المتحرك بها والزمان حركة الفلك فهو منقسم بانقسام الفلك ، فكل مدة فمنقسمة أيضا بانقسام المتحرك بها الذي هو المدة ، وكذلك كل معقول من جنس أو نوع أو فصل ، وكذلك كل عرض محمول في جرم فإنه منقسم بانقسام حامله ، هذا أمر يعلم بضرورة العقل والمشاهدة ، وليس العالم كله شيئا غير ما ذكرنا ، فصح ضرورة أنه ليس في العالم واحد البتة.
__________________
(١) أي مركّب متكثّر. فلعل الصواب «كثير» بالرفع.