حتى يعلمه معلم ، فظهر فساد هذا القول ببرهان وقبل البرهان بتعرية من البرهان ، وبالله تعالى التوفيق.
الكلام على من ينكر النبوّة والملائكة
البراهمة وإبطال آرائهم
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : ذهبت البراهمة وهم قبيلة بالهند فيهم أشراف أهل الهند ، ويقولون إنهم من ولد برهمي ملك من ملوكهم قديم ، ولهم علامة ينفردون بها ، وهي خيوط ملونة بحمرة وصفرة يتقلدونها تقلد السيوف ، وهم يقولون بالتوحيد على نحو قولنا إلّا أنهم أنكروا النبوات.
وعمدة احتجاجهم في دفعها أن قالوا : لما صحّ أن الباري عزوجل حكيم ، وكان من بعث رسولا إلى من يدري أنه لا يصدقه فلا شك في أنه متعنت عابث فوجب نفي بعث الرسل عن الله عزوجل لنفي العبث والعنت (١) عنه.
وقالوا أيضا : إن كان الله تعالى إنما بعث الرسل إلى الناس ليخرجهم بهم من الضلال إلى الإيمان فقد كان أولى به في حكمته وأتم لمراده أن يضطر العقول إلى الإيمان به ، قالوا : فبطل إرسال الرسل على هذا الوجه أيضا.
ومجيء الرسل عندهم من باب الممتنع. وأمّا نحن فنقول : إنّ مجيء الرسل قبل أن يبعثهم الله تعالى واقع في باب الإمكان ، وأمّا بعد أن بعثهم الله عزوجل ففي حدّ الوجوب.
ثم أخبر الصادق عليهالسلام عنه تعالى : أنه لا نبيّ بعده (٢) ، فقد جدّ الامتناع ولسنا نحتاج إلى تكلف ذكر قول من قال من المسلمين : إن مجيء الرسل من باب الواجب واعتلالهم في ذلك بوجوب الإنذار في الحكمة إذ ليس هذا القول صحيحا.
__________________
(١) العنت (بالتحريك) : الخطأ. وعنّته : شدّد عليه وألزمه ما يصعب عليه أداؤه. وأعنته : أوقعه في مشقّة وشدة (المعجم الوسيط : ص ٦٣٠).
(٢) روى الإمام أحمد في المسند (٣ / ٣٣٨) عن جابر بن عبد الله قال : لما أراد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يخلف عليّا رضي الله عنه قال له عليّ : ما يقول الناس فيّ إذا خلفتني؟ قال : فقال : «أما ترضى أن تكون مني بمنزله هارون من موسى؟ إلا أنه ليس بعدي نبيّ» أو «لا يكون بعدي نبي».
وروى أيضا (٦ / ٣٦٩ ، ٤٣٨) عن أسماء بنت عميس : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لعليّ : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبيّ».