إلى أنّ البخاري عاش في عصر المتوكل العباسي الّذي استخدم طبقة من المحدّثين ومنحهم الجوائز في نقل الأحاديث الّتي تؤيد موقف المحدّثين أمام أهل التنزيه من العدلية والمعتزلة.
يقول الذهبي : إنّ المتوكّل أشخص الفقهاء والمحدّثين ؛ وكان فيهم : مصعب الزبيري ، وإسحاق بن أبي إسرائيل ، وإبراهيم بن عبد الله الهروي ، وعبد الله وعثمان ابني محمد بن أبي شيبة ؛ فقسّمت بينهم الجوائز ، وأُجريت عليهم الأرزاق ، وأمرهم المتوكل أن يجلسوا للناس ويُحدِّثوا بالأحاديث الّتي فيها الرد على المعتزلة والجهمية ، وأن يحدّثوا بالأحاديث في الرؤية.
فجلس عثمان بن محمد بن أبي شيبة في مدينة أبي جعفر المنصور ، ووُضِع له منبر واجتمع عليه نحو من ثلاثين ألف من الناس ؛ وجلس أبو بكر بن أبي شيبة في مسجد الرصافة ، وكان أشدّ تقدّماً من أخيه عثمان ، واجتمع عليه نحو من ثلاثين ألف. (١)
ولذلك فلا تعجب من كثرة روايات التجسيم والتشبيه في الصحيح ، لأنّ بعض هؤلاء من رجال صحيح البخاري.
الثاني : انّ البخاري وإن ذكر شيئاً من فضائل علي وأهل بيته إلّا أنّ قلمه يرتعش عند ما يصل إلى فضائلهم فيعبث بالحديث مهما أمكن ، وإليك نموذجاً.
إنّ حديث الولاية يعني قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في حقّ علي عليهالسلام : «علي منّي وأنا من علي ، وهو وليّكم من بعدي» من الأحاديث المتضافرة الّذي أخرجه غير واحد من أئمّة الصحاح والسنن وحفّاظ الحديث ، وقد نقله جمّ غفير من كبار
__________________
(١). تاريخ الإسلام ، وفيات عام ٢٣٠ ـ ٢٤٠ ؛ تاريخ بغداد : ١٠ / ٦٦.