الجبرية والقهر ، يلزمون من رأوه ببيعتهم ولا يعذرونه عنها بعذر ولا يقبلون منه عدلا ولا صرفا ، حتى استتم لهم ما ارادوا واستتب لهم ما طلبوا ، ألا ترى لعمر كيف قال في السقيفة حين تم له ما اراد : اقتلوا سعدا قتل الله سعدا وكيف قال للزبير : عليكم الكلب اذا خرج يدافعهم عن الهجوم على بيت فاطمة كما ذكر في الحديث المذكور ، فهم معرضون عن كل حجة ترد عليهم من كل محتج لا يلتفتون إليها ولا يبالون بمن أوردها عليهم ، وانهم مصرون على انكار النص ان اورده مورد ، ومصممو العزم عليه ومهيئون من الشبه الى ما لا يسعهم انكاره ، ولا يمكنهم ستره وكتمانه ما يدفعون به عند العامة سورة المحتج به عليهم ، ولم يكونوا في امرهم مراعين لحجة ولا ناظرين لدليل ولا راجعين عما دخلوا فيه لبرهان مبين والذي يدل على ذلك وجوه.
الأول : ما مر في الخبر من اعراضهم عن قبول الحجة بالقرابة من النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) حين احتج بها عليهم امير المؤمنين (عليهالسلام) ، وروى ابن ابي الحديد : في موضع آخر انه (عليهالسلام) اذ ذاك خاطب أبا بكر في معرض الحجة بهذين البيتين.
فان كنت بالشورى ملكت امورهم |
|
فكيف بهذا والمشيرون غيّب |
وان كنت بالقربى حججت خصيمهم |
|
فغيرك أولى بالنبي وأقرب (١) |
وهي كانت حجتهم العظمى التي ابطلوا بها دعوى الأنصار وغلبوهم وفلجوا بها عليهم ، لا السابقة والفضل كما ذكر المعتزلي ، وان كان ذلك مخالفا لمذهبه اذ لا يجب عنده تقديم الأفضل فلما احتج بها عليهم من هو اولى بها منهم اعرضوا عنها كأن لم يسمعوها ولم يصغ واحد منهم الى قبولها ولا
__________________
(١) المصدر السابق ١٨ / ٤١٦.