المعاشرة لعلي (عليهالسلام) ما هو عليه من قوة الذين ، وما هو فيه من صحة اليقين ، فيعلم بذلك ان حبه لبني ابيه لا يكون له صارفا عن اتباع الحق ، ولا مقتضيا له للميل والهوى ، ولا داعيا للجور والحيف في شيء من الأحكام ، ودع ذا أليس قد علم من قول النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : (عليّ مع الحق والحق مع عليّ يدور معه حيثما دار) وقوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : (وادر الحق معه حيث ما دار) (١) وقوله في قصة ماعز (اما لو كان فيكم ابو الحسن ما اخطأتم) (٢) وامثالها ان عليا لا يعدل عن الحق لقرابة ، ولا يميل للباطل لحب احد ولا لبغض احد ، فيكون اذن اجهل الناس حيث يجهل ما كان ظاهرا كلا بل علم ذلك وتيقنه ، وكيف لا وهو يقول لابن عباس في حديث رواه ابن ابي الحديد ينساق مساق ما ذكرناه في المقام من الأخبار تركنا نقله بعد ان عاب عليّا (عليهالسلام) وانتقصه بالدعابة ، وجعلها مانعة من استحقاقه الامامة وعاب غيره بما عابه قال : ان احراهم ان وليها ان يحملهم على كتاب ربهم وسنة نبيهم لصاحبك ، اما ان ولى الأمر حملهم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم ، فانظر الى التناقض في هذه الأقوال.
ثم نجيب عن هذه الوجوه الثلاثة فنقول : ان الله حين امر رسوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بنصب علي خليفة من بعده كان عالما بحداثة سنه ، وانتقاض العرب عليه إذا ولي الأمر ـ لو انتقضوا ـ وبحبه بني عبد المطلب ، وهو اعلم بالصلاح والفساد ، فلو علم سبحانه بعدم صلاحيته للامامة لتلك
__________________
(١) اما قوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : (علي مع الحق والحق مع علي) رواه الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ٣٢١ وقوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : (وادر الحق معه حيث دار) رواه الترمذي ٢ / ٢٩٨ والفخر الرازي في التفسير ١ / ٢٠٥ .. الخ.
(٢) شرح نهج البلاغة ٦ / ٣٢٧ و ١٢ / ٥٢.