ومما يعجبني من كلامه في هذا المقام ما اورده في موضع من كتابه بعد نقل رواية رواها هناك ، وانا اذكرها واذكر كلامه بعدها في مطلبنا هذا ليتضح للناظر صحّة ما قلناه من ان هذا الرجل يعدل عن الحق على عمد وينصرف عن الصواب على معرفة ويدخل في الباطل بغير شبهة.
قال روى الأرقم بن شرحبيل قال سألت ابن عباس : هل أوصى رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم)؟ قال : ان رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) قال في مرضه : (ابعثوا الى علي فادعوه) فقالت عائشة : لو بعثت الى ابي بكر ، وقالت حفصة : لو بعثت الى عمر فاجتمعوا عنده جميعا هكذا لفظ الخبر على ما اورده الطبري في التاريخ (١) ولم يقل فبعث رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) إليهما قال ابن عباس : فقال رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : (انصرفوا فان تكن لي حاجة ابعث إليكم) فانصرفوا ، وقيل لرسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) الصلاة فقال : (مروا أبا بكر ان يصلي بالناس) فقالت عائشة ان أبا بكر رجل رقيق فمر عمر ، فقال مروا عمر فقال عمر ما كنت لأتقدم وابو بكر شاهد ، فتقدم ابو بكر فوجد رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) خفا فخرج فلما سمع ابو بكر حركته تأخر فجذب رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ثوبه فاقامه مكانه وقعد رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) فقرأ حيث انتهى ابو بكر قلت (٢) عندي في هذه الواقعة كلام ويعترضني فيها شكوك واشتباه اذا كان قد اراد ان يبعث الى علي (عليهالسلام) ليوصي إليه فنفست عائشة فسألت ان يحضر ابوها ، ونفست حفصة فسألت ان يحضر ابوها ثم حضرا ولم يطلبا فلا شبهة ان
__________________
(١) انظر تاريخ الطبري ٤ / ١٨١١ ليدن.
(٢) القائل هو ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٣ / ٣٤.