والقدم شيئا (٩٠) ، فتعالى عن ذلك العلي الأعلى ، ومن قال من المخلوقين بذلك ، وقع بحمد الله في غيابات المهالك ، وخرج من معرفة الرحمن ، وأكذب ما ذكر الله في القرآن من قوله : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) [الزمر : ٦٢ ـ ٦٣] ولو كان شيئا غير واحد ، إذا لما كان خالقا لكل ما ذكر من الأشياء ، وفي أقل ما قلنا به وتكلمنا ، فرق بين إرادة الله وإرادتنا.
تفسير إرادة الله لأفعال العباد
فإن قال قائل (٩١) من المتكمهين (٩٢) الضلال ، المتعلقين بالشبهات والمحال : أليس قد أراد الله من الخلق أن يطيعوه ، ويعبدوه ولا يعصوه؟
قيل له (٩٣) : كذلك الله تبارك وتعالى ، وفي ذلك ما يقول العلي الأعلى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات : ٥٦] ، وقال (٩٤) : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة : ٢١] فلما أن أمرهم بطاعته علمنا أنه لم يخلقهم إلا لعبادته ، وذلك فمراده منهم ، إذ له أوجدهم.
فإن قال : فهل كان ما أراد ذو الجلال والسلطان؟ فإنكم إن قلتم إنه قد كان ما أراد الرحمن (٩٥) ، أوجبتم أن يكون الخلق كلهم مطيعين ، ونفيتم أن يكون فيهم أحد من
__________________
(٩٠) في (ب) : وأشياء.
(٩١) ذو مقال. نخ.
(٩٢) في (ب) : المتكلفين.
(٩٣) في (ب) : لهم.
(٩٤) في (ب) : ويقول.
(٩٥) في (ب) : الرحيم.