ولهذا تعين البيان بحسب الإمكان لما أخذ الله تعالى من الميثاق في منزل الفرقان ، وسنة سيد ولد عدنان ، ولسنا والحمد لله نستنكر من غلبة الباطل وكثرة أهله ، ولا نستوحش لانقباض الحق وقلة حزبه ، فإن سنة الله عزوجل في عباده ، وعادته المستمرة في بلاده ، التخلية بين خلقه في هذه الدار ، ليتمكن الجميع من الاختيار ، وقد أخّر الجزاء لدار القرار ، واقتضت حكمته الربانية قبض الدنيا عن خاصة أوليائه ، وانزواءها عن خلاصة أصفيائه ، ليكون الاتباع لخالص الدين ، والطاعة لمحض اليقين.
وتالله لقد غرست في صدور المتمردين شجرات ، يجتنى من زيغها وضلالها ثمرات ، ولله حكمة بالغة ، وربنا الرحمن المستعان على ما يصفون.
وعلى كل حال فحزبه المنصورون وإن قهروا ، وجنده الغالبون وإن غلبوا ، كما قصه عزوجل في الكتاب المبين (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [الأعراف : ١٢٨] وقد قال عمار الذي يدور مع الحق حيثما دار رضوان الله عليه ، لما أخّر عن المقام الذي اختاره الله تعالى له ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم إمامه وإمام الأبرار :
يا ناعي الإسلام قم فانعه |
|
قد مات عرف وبدا منكر |
ما لقريش لا علا كعبها |
|
من قدموا اليوم ومن أخروا |
وذلك في صدر الإسلام فكيف بمثل هذه الأيام ، التي هي من أعلام النبوة ، بتصديق مواعيد الله على لسان رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ من اغتراب الإسلام ، وتغيير الأعلام ، واقتراب ظهور دينه الحنيف ، وتجديد شرعه الشريف ، بقيام خاتم الأئمة ومقيم الحجة من أهل بيت نبيه ، مهدي هذه الأمة ، كاشف الظلمة ، ومفرج الغمة (فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ) [المائدة : ٥٢] ، إنه على كل شيء قدير وهو حسبنا ونعم الوكيل.
قال بعض علماء العترة عليهمالسلام : إني لأكثر التعجب ، وما عشت أراك الدهر عجبا ، من رجل عالم بمصادر الأمور ومواردها ، وكيفية الاستدلال ومقاصدها ، ودلالات الألفاظ على معانيها ، وتراهم وهم كثير ، يوردون ويروون عن الله عزوجل ؛ وعن رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم تلك الأدلة والنصوص ، والقواطع في حق أهل البيت عليهم