والصدق.
ومن الحجة في ذلك والبيان ، ما يقول الله ذو الجلال والسلطان : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) [البقرة : ١١٥] ولو كان كما يصف المشبهون ، ويقول به في الله الجاهلون ، إنه وجه كما يعرف من وجوه المخلوقين ، تعالى وتقدس عن ذلك رب العالمين ، إذا لما كان في كل النواحي والأقطار ، فتعالى عن ذلك العلي الواحد الجبّار ، إذ المتوجه يتوجه شرقا وغربا ، ويمنا وشاما ، فلا يكون أبدا وجه واحد وجوها ، كما لا تكون الوجوه الكثيرة وجها ، وإنما أراد بقوله : (فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) ، أي (١٠٧) الموجود بكل جهة الله الذي هو سبحانه بالمرصاد لا يغيب عنه شيء من ضمائر أسرار العباد ، وهو المحيط بالغيوب ، ذو المن والأياد.
باب تفسير (١٠٨) قول القائل (واحد) ومخارجه في اللسان وما ينفى من ذلك عن الرحمن عزوجل
إن سأل سائل ذو ارتياب ، عن الله رب الأرباب ، فقال المشبه الجاحد : ما معنى قولكم إن (١٠٩) الله واحد؟
قلنا : إن الواحد يخرج على معان كثيرة ، غير معنى ولا معنيين ، فمنها الواحد في الجماعة والاثنين ، ومنها النظير من نظيره ، والشبه في الرؤية من شبيهه ، ومنها الجزء من الأجزاء ، والعضو الواحد من الأعضاء المتباينة والمؤتلفة ، والمجتمعة والمختلفة ، التي بالتئامها يكمل الواحد المصور ، وباختلافها ينقص المجعول المقدر ، مثل أبعاض الإنسان المختلفة المجتمعة في كل شأن ، التي بكمالها يكمل تصويره ويتم ، وبنقصانها يزول عنه اسم التمام
__________________
(١٠٧) في (ب) : أن.
(١٠٨) في (ب) : باب تفسير معنى.
(١٠٩) زيادة من (ب)