أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ) [النحل : ٦٢] ، فنعوذ بالله من الحيرة عن الهدى ، ومن التكمه في الغي والردى ، وحسبي الله العلي الأعلى.
ذكر صفات الفعل
إن سأل سائل مسترشد أو قال متعنت قائل : أتقولون إن الله ذا الجلال والإكرام ، وذا القدرة والملكوت والإنعام ، لم يزل متفضلا جوادا كريما ، توابا محسنا غفورا رحيما؟
قيل له : إن هذا الذي ذكرت مما عنه سألت وسطرت أفاعيل من الواحد الجليل ، وقد كان سبحانه وجل عن كل شأن شانه ولما يفعل الجود والرحمة والعفو والإحسان والنعمة ، ثم فعلها وبعد العدم أوجدها ، ونحن فنقول : لم يزل المتفضل الجواد الكريم المحسن الغفور التواب الرحيم ، فندخل في ذلك الألف واللام ليكون قولنا وخبرنا عن الواحد الرحمن ذي الجلال والسلطان ، ولا نطلق القول (١٢١) والكلام في ذلك بغير الألف واللام ، لأن في ذلك توهيم قدم الخليقة من المرحومين ، وتثبيتا لأزلية التوابين المربوبين (١٢٢).
__________________
(١٢١) في (ب) زيادة (عليه).
(١٢٢) فإن قلت : ما هو الفرق الذي أوجدته الألف واللام؟ قلت : لأن المعنى مع الألف واللام : أنه لم يزل الكامل في هذه الصفة كما تقول العرب : زيد الفارس ، أو الكريم ؛ بمعنى الكامل في هذه الصفة.
فإن قلت إن هذا لا يكون إلا مع (ال) المعرفة ، وقد نص النحاة أن الألف واللام الداخلة على اسم الفاعل واسم المفعول لا تكون إلا موصولة. قلنا : ليست هذه الصفات أعني المتفضل ، الجواد المنعم ، الخالق ، ونحوها في حق الله أسماء فاعل وإن كانت بصيغته ، وليست إلا صفاتا مشبهة لأنها ليست متعدية لكون فعل الله هو نفس المفعول ، كما مر ذلك للهادي عليهالسلام. وفي حاشية للمولى الحجة العلامة / مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيّده الله وأدام في ظله : فتكون (ال) الداخلة عليها معرّفة كما في سائر الصفات المشبهة وهذا من دقائق العلم التي اختص الله بها أهل بيته عليهمالسلام فتأمل على أن الرضي قد نص على أن للموصولة ما للمعرفة من المعاني.