فإن قال : أفتقولون إنه كان غير تواب رحيم ولا متفضل محسن كريم؟
قلنا له : لا نقول ذلك لما فيه من توهيم البخل والفظاظة وضد الإحسان ، والله فبري من ذلك له الأسماء الحسنى في كل شأن.
فإن قال : أفتقولون إنه لم يزل صمدا؟
قيل له : نقول لم يزل الواحد الصمد ، ولا نطلق في ذلك القول بغير الألف واللام ؛ لأن الصمد عند أهل المعرفة والتمام هو الغاية المعمود والنهاية المقصود الذي ليس من ورائه مصمد ، ولا يوجد بعده للمطلوبات مقصد ، الذي تقصده البرية في شأنها ، وتضرع إليه في كل أسبابها ، وفي اطلاقنا ذلك على ما قلت ، وقولنا فيه بما ذكرت توهيم أن البرية الحادثة الفانية من الخليقة الضارعة لم تزل ، وهذا فاحش من المقال ، مستنكر في كل حال ، ولكن نقول لم يزل الصمد ، وكذلك نقول : لم يزل المشكور المحمود ، ولا نطلق القول بلا ألف ولا لام ، لما في ذلك من توهيم السامع من الأنام من أنه لم يزل الحامد أزليا مع المحمود ، والشاكر قديما مع المشكور.
فإن قال أحد من أهل الضلال : أفتقولون إنه كان في زمن من الأزمان غير مشكور ولا محمود في كل شأن؟
قلنا له : لا نطلق ما تقول لما فيه من توهيم الذم في اللفظ والقول ، ولكن نقول : لم يزل المحمود المشكور ذو الطول ؛ لأن الحمد لا يكون إلا من حامد بالحمد ناطق ، والشكر لا يكون إلا من شاكر راتق فاتق ، فمتى أطلق القول في الله ذي الجلال والحول بأنه لم يزل محمودا مشكورا فقد أثبت معه أزلية الحامد الشكور ، وفي هذا إبطال التوحيد ، الذي لا يكون إلا لله الحميد ، الذي لم يزل من قبل أن يوجد كل حامد شاكر أو ضال مخالف على الله كافر.
الإرادة
إن سأل مسترشد أو ضال أو متعنت في المقال عن إرادة الله تبارك وتعالى فقال : ما هي وعلى أي الوجوه هي؟