رزق الواحد الكريم ، من النبات والفواكه والأشجار ، التي تخرج وتحيا بما ينزل عليها من الأمطار ، كما قال ذو المن المهيمن الجبار : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) [الأنبياء : ٣٠] ، وقال سبحانه : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) [الحج : ٥] ، وقال جل جلاله عن أن يحويه قول أو يناله : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) [الفرقان : ٤٨] ، ومثل هذا مما ذكره الله أنه يحييه بالماء مما نعاين ونرى (١٢٥) فكثير غير قليل ، في واضح ما أنزل الله من التنزيل ، فهذه أجسام تحيا بالماء ، ليست بذوات أرواح جائلة في الأجسام ، كما تجول الأرواح فيما خلق الله من الدواب والهوام ، وإنما حياتها اخضرارها ، وكمون الماء فيها وارتوائها ، فسمى الله ما كان كذلك حيا كما ذكر سبحانه في كتابه ، وكذلك تقول العرب لما كان من الأشجار على ذلك ، تقول : هذه نخلة حية ، إذا كانت مخضرة روية ، والله سبحانه فبريء من هذا المعنى ، ومن مشابهة شيء من الأشياء.
والمعنى الثالث : فهو الذي لا يجوز غيره في الله ذي السلطان وذي الجبروت والرأفة والإحسان ، وهو أن معنى الحي هو الذي يجوز منه الفعل والتدبير ، وذلك فهو الله الحي الدائم اللطيف الخبير.
باب تفسير قوله السميع والرد على من قال إنه سبحانه يسمع بجارحة (١٢٦)
إن سأل سائل : عمّا ذكر الكريم في القرآن من قوله : (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [الأنعام : ١٣] ، فقال ما معنى السميع عندكم وما معناه في أصل قولكم؟.
قيل له : يخرج ذلك على معان أربعة معلومة معروفة عند جميع العرب مفهومة.
__________________
(١٢٥) في (ب) و (ج) : مما يعاين ويرى.
(١٢٦) في (ب) : بحاسة.