باب (١٢٩) الرد على أهل الزيغ من المشبهين
بسم الله الرحمن الرحيم
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين :
إن سأل مسترشد سائل أو قال متعنت قائل (١٣٠) : ما ذا يعبد الخلق؟
قيل له : يعبدون الخالق الذي فطرهم وصورهم وابتدعهم وأوجدهم.
فإن قال : وأين معبودهم أفي الأرض أم في السماء؟ أم فيما بينهما من الأشياء؟
قيل له : بل هو فيهما وفيما بينهما ، وفوق السماء السابعة العليا ، ومن وراء الأرضين السابعة السفلى ، لا تحيط به أقطار السماوات والأرضين ، وهو المحيط بهن وبما فيهن. فكينونته فيهن ككينونته في غيرهن مما فوقهن وتحتهن ، وكينونته فيما فوقهن وتحتهن ككينونته قبل إيجاد ما أوجد من سماواته وأرضه ، فهو الأول الموجود من قبل كل موجود ، المكوّن غير مكوّن ، والخالق غير مخلوق ، والقديم الأول الذي لا غاية له ولا نهاية ، الذي لم يحدث بعد عدم ، ولم تكن لأزليته غاية في القدم ، البري من أفعال العباد ، المتعالي عن اتخاذ الصواحب والأولاد ، المتقدس عن القضاء بالفساد ، صادق الوعد والوعيد ، المحتج بالبراهين النيرة على العبيد ، العالي في دنوه ، والداني في علوه ، خالق السماوات والأرضين ، فهو الموجد لأولهن ، والمبيد آخرا لما أوجد منهن ، والمبدل لهن في يوم الدين غيرهن.
فإن قال : فما معنى كينونته فيهن وفي غيرهن مما بينهن ، ألعظم جسم أحاط بهن وكان
__________________
(١٢٩) هكذا في الأصل.
(١٣٠) في (ب) : أو ملحد.