قال منهم : إنه على صورة آدم ، وبقول من قال : إنه جسم محدود ، وبأقاويل لهم كثيرة كلها نقضت قولهم : واحد ليس كمثله شيء ، لوصفهم له بالأجزاء ، والأعضاء ، والحدود ، والزوال ، والانتقال ، تعالى الله عمّا قالوا علوا كبيرا ، فعلمنا أن الذي ليس كمثله شيء لا يكون على صورة شيء ، ولا يكون جسما محدودا ؛ لأن ما كان كذلك كان أجزاء كثيرة ، بعضها غير بعض ، ولم يكن واحدا ؛ لأن الواحد في الحقيقة لا يكون له أشباه ، ولا يكون له ثان. فلما شهدوا لنا أنه واحد ليس كمثله شيء ، أخذنا بذلك وتركنا اختلافهم ، إذ نقضوا به شهادتهم ، فهذا ديننا ، وشهادتنا ، وحجتنا على كل من خالفنا في التوحيد.
شهادتهم لنا في العدل
وأمّا شهادتهم لنا في العدل فإنهم شهدوا أن الله تبارك وتعالى عدل لا يظلم ولا يجور ، وأنه خير للخلق من الخلق لأنفسهم ، وهو أرحم الراحمين. ثم نقضت ذلك المجبرة بقول من قال منهم إنه كلف العباد ما لا يطيقون ، وإنه أخرجهم من الطاعة ، وإنه عذبهم على ما خلقه فيهم ، وبقول من قال منهم إن الله يريد أن يعصى ثم يغضب مما أراد ، وبقول من قال منهم إنه يعذب الطفل الصغير بجرم الشيخ الكبير ، وبأقاويل كثيرة كلها تنقض قولهم إنه عدل لا يجور ، تعالى الله عمّا قالوا. فعلمنا أن العدل الرحيم لا يفعل ذلك ، إذ كان ذلك ممن فعله جورا ، وظلما ، وعبثا ، تعالى الله عن ذلك ، فأخذنا بما شهدوا لنا به في أصل شهادتهم أنه لا يظلم ، ولا يجور ، ولا يعبث ، وأنه حكيم حيم ، عدل كريم ، وتركنا ما نقضوا به جملتهم عند اختلافهم ، فهذا ديننا ، وحجتنا على من خالفنا في العدل.
شهادتهم لنا في الوعد والوعيد
وأمّا شهادتهم لنا في الوعد والوعيد ، فإنهم شهدوا جميعا أن الله تبارك وتعالى صادق في جميع أخباره ، وأنه لا يخلف الميعاد ، ولا يبدل القول لديه ، صادق الوعد والوعيد في