ولا يظهر لنا عموم الأخبار في وعده ووعيده ثم يجعلها خاصة من حيث لا نعلم ؛ لأن ذلك كله غير جائز على الله ، تعالى عمّا قالت المجبرة والمرجئة علوا كبيرا ، فهذا ديننا ، وحجتنا على من خالفنا في الوعيد.
شهادتهم لنا في المنزلة بين المنزلتين
وأما شهادتهم لنا في المنزلة بين المنزلتين ، وقولنا إن أهل الكبائر من أهل الصلاة فساق فجار أعداء الله ظلمة معتدون ، فإنهم شهدوا لنا بذلك فشهدنا بما شهدوا ، ثم ادعى بعض الخوارج أنهم كفار ، وأن فسقهم قد بلغ بهم الكفر والنفاق دون الشرك ، ويقال إن الزيدية ، أو بعضهم ، يزعمون أن فسقهم قد بلغ بهم الكفر ، وادعت المرجئة أنهم مع فسقهم مؤمنون ، وخالفهم في ذلك عامة الأصناف.
وقالت المعتزلة هم فساق وفجار ، لا يبلغ بهم فسقهم كفرا ولا شركا ولا نفاقا ، وكذلك قالت المرجئة والعامة ، وقالت المعتزلة أيضا لا يجب لهم اسم الإيمان مع الفسوق ، وكذلك قالت الخوارج والشيعة الزيدية ، فوجدناهم كلهم قد أجمعوا على شهادة واحدة أنهم فساق فجار معتدون ، فأخذنا بما أجمعوا عليه من ذلك ، وتركنا ما اختلفوا فيه مما كذب فيه بعضهم بعضا فسميناهم فساقا فجارا ، وبرأناهم من الكفر والشرك والنفاق ، إذ كانوا فيه مختلفين ، ولم نوجب لهم اسم الإيمان إذ كانوا عليه عند إصابتهم الكبائر غير مجتمعين ، ولم يكن في شيء من اختلافهم حجة من حجج رب العالمين ، فهذا ديننا وحجتنا على من خالفنا في المنزلة بين المنزلتين.
شهادتهم لنا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وأمّا شهادتهم لنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ فإنهم شهدوا أن ذلك واجب إذا أمكن وقدر عليه ، وشهدوا أن نصرة المظلوم فرض ، والأخذ على يد الظالم فرض إذا أمكن ذلك ، ثم اختلفوا بعد ذلك. فقال منهم قائلون : لا ندفع الظالم عن أنفسنا ، ولا عن غيرنا إلا بالقول والكلام ، وإن انتهبت أموالنا ، وانتهكت حرماتنا لم نقاتل بالسلاح ، وإن كان