وقال : (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) [الزخرف : ٣] ، وقال : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها) [النساء : ١] ، وكذلك خلق القرآن ، إذ جعله قرآنا عربيا كما جعل الشمس ضياء والقمر نورا ، بأن خلقهما كذلك.
وقال : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) [الأنبياء : ٢] ، وقال : (أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) [طه : ١١٣] ، فأخبر أنه محدث ، وأنه ليس بقديم ، وإذا كان محدثا فالله أحدثه ، وهو مخلوق والله خلقه.
وقال : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) [التوبة : ٦] ، وقال : (يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [البقرة : ٧٥] وقال : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ) [الشورى : ٥٢] ، وقال : (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) [النساء : ١٧١] ، وقال : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) [الحجر : ٢٩] ، وقال : (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) [التحريم : ١٢] ، فأخبر أن القرآن كلامه ، وروح من أمره ، وأن عيسى كلمته وروح منه ، وأنه نفخ في آدم من روحه ، وكذلك في مريم ، ثم أجمل ذلك كله فقال : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) [آل عمران : ٥٩ ـ ٦٠] ، فأخبر أن معنى الكلمة والروح خلق من خلقه ، وتدبير من أمره ، وكذلك القرآن سماه كلامه وروحا من أمره ، ومعنى ذلك أنه خلق من خلقه ، وتدبير من تدبيره وأمره. وقال : (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ) [النحل : ١٠١] ، وقال : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة : ١٠٦] ، فبهذه الآيات ونحوها خالفنا من زعم أن القرآن ليس بمخلوق ، وعلمنا أنه مخلوق محدث وأن الله خالقه.
باب ذكر عدل الله في كتابه
قال الله عزوجل : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ