مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما) [البقرة : ٣٥] ، وقال : (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ) [يوسف : ٢١] ، وقال : (قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) [الكهف : ٢٩] ، وهذا على الوعيد والتهدد وكذلك قوله : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [فصلت : ٤٠] ، وقال : (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا) [الفتح : ١٥] ، وقال : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) [الأنفال : ٦٧] ، وقال : (وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً) [التوبة : ٤٦] ، وقال : (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً) [النساء : ٢٧] ، وقال : (وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً) [النساء : ٦٠] ، فبهذه الآيات ونحوها علمنا أن العباد يريدون ما قد جعل الله لهم السبيل إلى إرادته ، ويشاءون ما قد قواهم على مشيته ، غير غالبين لله ، ولا خارجين من سلطانه ، وهذا خلاف قول القدرية الذين يزعمون أن ليس لأحد من الخلق مشيئة ولا إرادة ، مع قولهم أنهم يريدون لأنفسهم الخير ، والله يريد لهم بزعمهم الشر ، ولا يدعهم يصلحون ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
باب ذكر العبادة
ذكر الله في كتابه أنه خلق الخلق لعبادته فقال : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات : ٥٦] ، وقال : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ) [النساء : ٦٤] ، ولم يقل إني أرسلت الرسل ليكذبوا أو يقتلوا ، ولا أني خلقت خلقي لعبادة غيري. وقال : (اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) [طه : ٤٤] ، وقال : (وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) [البينة : ٤] ، فبهذه الآيات ونحوها علمنا أن الله خلق الخلق لعبادته وطاعته ، لا لمعصيته والكفر به ، كما زعمت القدرية (١٤١) أن الله خلق أكثر خلقه لعبادة غيره ، ولم يخلقهم لعبادته تعالى عما قالوا
__________________
(١٤١) في (ب) : المجبرة.