واحد ، فوصفهم مؤمنين ، ثم سماهم المسلمين ، ثم قال : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [الحجرات : ١٧] ، فسمى الإسلام إيمانا ، فلما سمى الله عزوجل الصلاة والزكاة الدين ، وسمى الدين إسلاما ، وسمى الإسلام إيمانا ، علمنا أن الصلاة والزكاة من الإيمان والإسلام والدين.
فبهذه الآيات ونحوها علمنا أن الأعمال الصالحة من الإيمان والإسلام والدين ، وبما تقدم في ذكر المؤمنين وصفاتهم وأسمائهم ، وما أوجب الله لهم بأفعالهم علمنا أن من لم يدخل في مثل صفاتهم ويعمل بأعمالهم فليس منهم ، ومن لم يكن منهم لم يسم بأسمائهم ولم يوصف بصفاتهم ، ولم يعط ثوابهم ، ولم يجاورهم في دار كرامة الله التي أعدها لأوليائه وأهل طاعته ومحبته ورضوانه. وبذلك يعلم أن من ترك الأعمال الصالحة زال عنه اسم الإيمان والدين ، وفيما ذكرنا من قول الله تعالى وحكمه تكذيب قول المرجئة الذين يزعمون أن الصلاة خلف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والحج ، ودفع الزكاة ، والجهاد في سبيل الله معه ، ليس من دين الله ، ولا من دين نبيه ، ولا دين الإسلام والإيمان ، فنعوذ بالله من إفكهم.
باب ذكر الوعيد
وذكر الله الوعيد في كتابه في أهل الكبائر من الموحدين ، وأخبر أنهم يدخلون النار بأعمالهم الردية فيعذبون بها ، ويخلدون فيها أبدا بما قدمت أيديهم وما الله بظلام للعبيد ، فقال عزوجل : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ) [النساء : ٩٣] ، واللعنة الخلود في جهنم لكل من قتل مؤمنا متعمدا لقتله ، مستحلا لذلك أو محرما ، ولم يخص بالآية جاحدا دون مقر ، ولا كافرا دون مؤمن ، ولا مستحلا للقتل دون محرم ، ولكنه أجمل الكلام جملة واحدة فهو على جملته ، وليس لأحد أن يدعي أنه خاص في بعض القاتلين دون بعض ؛ لأن العام لا يكون خاصا ، كما أن الخاص لا يكون عاما أبدا ، إلا أن يكون الله هو الذي بين ذلك فيخبر أنه أراد بهذه الآية فريقا من الناس دون فريق ، وأراد بها قوما دون قوم ، فإذا جاءت الآية عامة ولم يبين أنها خاصة