فبهذه الآيات ونحوها علمنا أن كل من أصاب كبيرة فاسق فاجر عدو الله ، وأنه إذا مات مصرا عليها غير نادم ولا مستغفر فإنه من أهل النار خالدا مخلدا فيها ، لا يخرج أبدا منها ولا راحة له فيها فهي أبدا مثواه جزاء بما كسبت يداه.
باب ذكر أهل الكبائر
وذكر الله براءة أهل الكبائر من الكفر وبين أنهم ليسوا بكفار فقال عزوجل : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) [الأنعام : ١] ، فأخبر أن الكفار بربهم يعدلون ، وأهل الكبائر لا يعدلون بالله إلها آخر. وقال : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) [الكافرون : ١ ـ ٣] ، وقال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ) [غافر : ١٠] ، إلى قوله تعالى : (فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ) [غافر : ١٢] ، إلى قوله : (الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) ، وأهل الكبائر لا يشركون بالله شيئا ولا يكفرون به ، ولا يدعون مع الله إلها آخر ، ولا يعبدون غيره ، وإنما هم قوم أصابوا الكبائر على الشهوة منهم والإساءة ، وهم لها محرمون ، فبذلك خرجوا من اسم الإيمان ، ولم يدخلوا في اسم الكفر والجحدان ، وقال : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ) [الانشقاق : ٢٢].
فبهذه الآيات ونحوها علمنا أن فسقه قومنا من أهل الصلاة ليسوا بكفار ، وهذا تكذيب للخوارج المارقة الذين يشهدون على أهل التوحيد والإقرار من أهل القبلة إذا أصابوا كبيرة من الكبائر أنهم كفار بالله العظيم ، خارجون من قبلة الإسلام ، فنعوذ بالله من جهلهم وضلالهم.
باب ذكر الأحكام في الكفار
وذكر الله عزوجل حكمه في الكفار ففرق بين حكمهم وحكم أهل الكبائر من أهل الصلاة فقال : (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ) [محمد : ٤] ، إلى قوله تعالى : (حَتَّى