تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها) [محمد : ٤] ، وقال تعالى : (قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) [التوبة : ١٢٣] ، وقال : (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) [الممتحنة : ١٠] يريد النكاح والتزويج ؛ وذلك لأنه لا يحل لمؤمن أن يتزوج من الكفار ، وقد أحل للمؤمنين أن يتزوجوا الفاسقة من أهل الصلاة.
وقال : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ) [التحريم : ٩] ، وقال : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) [النساء : ١٨] الآية ، فأخبر أنه لا يقبل التوبة من صنفين وهم الكفار الذين يموتون على كفرهم ، وأصحاب الكبائر الذين يرجون (١٤٤) التوبة حتى يحضرهم الموت فيتوبون عند ذلك.
فبهذه الآيات علمنا أن فسقة قومنا من أهل الكبائر ليسوا بكفار ، وإنما هم فساق ظلمة معتدون ، ومن تاب من ذنبه توبة نصوحا قبل الله توبته ، وأسكنه جنته ، ومن مات مصرا غير تائب ولا نادم ، وأخّر التوبة إلى أن يحضره الموت ، لم يقبل الله منه عند ذلك التوبة ، وأصلاه الجحيم. وذلك أن الله سبحانه أمر بقتال الكفار وجهادهم ، وضرب رقابهم ، إلا أهل الجزية ، وحرم مناكحتهم ، ولم يأمر بقتال أهل الكبائر ولا بجهادهم ، إلا من بغي منهم على المسلمين ، وجرد سيفه عليهم ، أو حارب الله ورسوله ، وإلا فإنما عليهم الحدود وما دون ذلك من الآداب ونحوها ، وأباح للمؤمنين مناكحتهم ، واتباع جنائزهم والصلاة عليهم ، ويدعو فيها للمؤمنين والمؤمنات عامة ، وأن يدفنوا في مقابر المسلمين ، ولا يفعل شيء من ذلك للكفار. وفي هذا تكذيب الخوارج الذين يحكمون في فساق الموحدين بحكم الكفار ، فيسبون ذراريهم ، ويغنمون أموالهم بالجهل منهم والتعسف في دين الله ، فنعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى.
__________________
(١٤٤) أي : يؤخرونها.