مقدمة التحقيق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
أما بعد : فإن الله خلق الخلق في هذه الدنيا لعبادته ، وأوجب عليهم معرفته ، وأرسل رسله إليهم لتبليغ أحكامه ، وإقامة الحجة على عباده ، وكان آخرهم سيدنا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأمره الله بتبليغ رسالته ، وأداء أمانته ، وأنزل معه قرآنا يتلى على عباده ، وكان من أعظم مهماته ـ كما أنها من أعظم مهمات الأنبياء عليهمالسلام من قبله ـ دحض الشبه ، ورد الأباطيل ، وبيان بطلانها ، لا سيما في العقائد ، لا سيما في ما يتعلق بمعرفة الله عزوجل ، وإذا تصفحنا آيات القرآن الكريم وسوره ، وجدنا صدق ما قلناه ، فمعظم آياته في رد شبه المشركين ، ودحض شبه اليهود والنصارى ، والرد على المجبرة ، والدهرية ، والرد على مرجئة اليهود ، وقد قام الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم طوال حياته يدعو إلى الله ، ويبين حججه وآياته ، ويبين بطلان ما عليه المشركون ويكشف عوار عقائدهم ، حتى ألجئ إلى المحاربة العسكرية ، فهزمهم عسكريا ومعنويا حتى صار كل من في الجزيرة يتبرأ من دينهم بعد أن كان مفخرة لهم ، ولم يمت صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا بعد أن علا صرح الدين ، وشمخ بنيانه ، وتقوّت أركانه ، وسطع نوره.
ولضمان بقاء الدين ، وحذرا من دغل المندسين ، ولأن ظهور الإسلام لم يقض نهائيا على حزب الشيطان ، بل ظهوره وسيطرته جعلتهم يتخذون النفاق وسيلة أخرى لحرب الدين وأهله ، ولكون الأهواء ستظل تنتج أفكارا ورجالا تحارب الحق وتحاول طمسه واستبداله بما يشابهه من الباطل ، من أجل هذا كله ، ومن أجل بقاء نور الحق ساطعا ،