كتاب الله ، وأنه أخبر فيه أن حجته بالغة ، وأنها عند جميع الناس في لغاتهم معروفة ، وأن أنبياء الله لم تزل تحتج بها وتقر أنها من خالقها ، وأنهم جميعا جاءوا بالبينات والآيات وهن الحجج ، وأن تلك الحجج ميراث الأنبياء يورثونها أتباعهم.
وأن الله أبان رسله بالأعلام والدلالة التي لا يقدر الخلق عليها ، ولا تكون إلا من فعل الخالق ، كإحياء الموتى ، وإلقاء العصا فصارت حية تسعى ، وكمجيء الشجرة ، وكلام الذئب ، وأن هذا ما لا يعطى أحد إلا الأنبياء والرسل.
وأن أتباع الرسل إنما يخبرون عن حجج الرسل ، ويدعون إليها الناس ، ويحتجون عليهم بها. وأن فيما احتج الله به أن جعل كتابه عربيا مبينا بلغة العرب وكلامهم ، وجعله مع ذلك لا يشبه الشعر ولا الرسائل ولا الخطب ولا السجع ، ولكنه أبانه من ذلك كله ، فلا يطيق أحد أن يأتي بمثله.
وأن الله قد أقام سنة نبيئه فيما لم يبينه في الكتاب مفسرا مشروحا ، من عدد الصلاة وأوقاتها وحدودها ، وتفسير الحج والعمرة ، وأن ذلك لا يكون إلا إلى الكعبة ، وأنه جعل الزكاة في الأموال تؤخذ من الأغنياء وتوضع للفقراء.
وأنه لا يحل مال أحد من أهل الصلاة إلا بطيب من نفسه ، أو بالميراث ، أو بفرض (١٥٠) يلزمه ، أو بحق يجب عليه ، وإن فجروا فقتلوا بالحدود ، ما لم يخرجوا من الملة وحرم منهم الدماء وجميع الحرمات ، إلا ما أحل الله من إقامة الحدود على من أصابها ممن أقر على نفسه في صحة من عقله ، أو قامت عليه بذلك بينة على ما بينه الله في كتابه وسنة رسوله عليه وعلى آله السلام.
وأن القصاص سواء بين أهل الملة جميعا فيما بين شريفهم ووضيعهم ، وأبرارهم وفجارهم ، ما لم يخرجوا من الملة.
وأن الله أوجب عليهم الامتناع من الظلم إذا قدروا ، ومعونة المظلومين إذا استطاعوا ، ولا يتعدوا في ذلك ولا في غيره حد الله.
__________________
(١٥٠) في (ب) : أو بقرض.