ويجيء بغيره ، وأنه محفوظ ، وأن الله حافظه ، وأنه يقدر أن يجيء بمثله ، كما قال سبحانه : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) [البقرة : ١٠٦].
وأن الله لا مثل له ولا نظير ، وأن الأبصار لا تدركه في الدنيا ولا في الآخرة ؛ وذلك أن كلما وقع عليه البصر فمحدود ضعيف ذليل ، محتاج ، محوي ، محاط به ، له كل وبعض ، ولون وطعم ، ورائحة ومحسة ، وفوق وتحت ، ويمين وشمال ، وخلف وأمام. وأن الله لا يوصف بشيء من صفات المخلوقين ؛ لأنه غني قديم ، وهكذا قال : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى : ١١] ؛ لأن الله تبارك وتعالى ليس بشخص ، فتجاهره الأبصار ؛ ولا هو صوت فتوعيه الأسماع ؛ ولا رائحة ، فتشمه المشام ؛ ولا حار ولا بارد ، فتذوقه اللهوات ؛ ولا لين ولا خشن فتلمسه الأيدي ؛ لأن الله سبحانه خلق الأيدي وما لمست ، وخلق الأبصار وما جاهرت ، والأسماع وما وعت ، والمشام وما شمت ، واللهوات وما ذاقت ، فهذه الخمس الحواس المدركات كلها مخلوقات مجعولات محدثات ، ليس فيها شيء يشبه الله ، ولا الله عزوجل يشبه شيئا منها ؛ ولذلك قال تبارك وتعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الأنعام : ١٠٣] ؛ لأن ما وقع عليه البصر فمحدود ضعيف ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا (١٥٤).
العدل والحكمة
وندين بأن الله عزوجل عدل في قضائه ، جواد في عطائه ، رحيم بعباده ، ناظر لخلقه ، لا يكلفهم ما لا يطيقون ، ولا يسألهم ما لا يجدون ، (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) [النساء : ٤٠] ، وأنه لم يخلق الظلم ولا الجور ، ولا (١٥٥) الكفر في العباد ، ولم يرد الظلم والفساد ، ولا الجهر بالسوء من القول.
__________________
(١٥٤) زيادة من (ب) و (ج).
(١٥٥) زيادة (ج).