وأنه لا يشاء قتل أوليائه ، ولا تكذيب رسله. ولا يقضي ولا يقدر شتم نفسه ، ولا الفرية عليه. وأن من فعل ذلك ، أو أراد معه الصاحبة والولد فغير حكيم ولا عليم.
وأن الله رحمن رحيم حكيم عليم لا يجوز عليه العبث ، فكيف يمنع عباده من الإيمان ثم يقول في كتابه : (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا) [الإسراء ٦٤] ، (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [النساء : ٣٩] ، (فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) [الانشقاق : ٢٠]؟! أو يأمرهم بالهدى ويصرفهم عنه ، ثم يقول (فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) ، ويخلق فيهم الكفر ثم يقول : (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) [مريم : ٩٠]!! بل نقول سهّل ربنا لعباده السبيل ، وأقام لهم الدليل ، وأرسل إليهم الرسول ، وأنزل عليهم القرآن ، وجعل فيه الشفاء والبرهان ، أحل فيه الحلال ، وحرم فيه الحرام ، وأقام الحدود والأحكام ، ثم مكنهم مما طوقهم ، ثم دعاهم جميعا إلى الإيمان به ، ثم أمرهم ونهاهم ، ثم آمنهم من ظلمه ، ورغبهم في جزيل ثوابه ، ولم يرد منهم غير ما به أمرهم ، ولم يزجرهم وينههم عما يريده منهم ويشاءه ، لما في ذلك من خلاف الحكمة والرحمة ، كما قال سبحانه : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) [الأعراف : ١٨٠] ، ويقول : (إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) [التوبة : ١١٧] ، وقال : (أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى) [النجم : ٣٩] ، (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ).
صدق الوعد والوعيد
وندين بأن الله صادق في أخباره كلها ، وأنه لا يخلف الميعاد ، ولا يبدل القول لديه.
وأن أهل الكبائر من أهل ملتنا إن لم يتوبوا من ذنوبهم ، وخرجوا من الدنيا مصرين عليها ، غير نادمين ولا مستغفرين ، أنهم من أهل النار ، خالدون مخلدون ، لا يخرجون منها ، ولا يغيبون عنها ، بل يبقون فيها أبدا سرمدا ، لقوله : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ) [النساء : ١٤] ، ولقوله : (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ) [الانفطار : ١٤] ، ولقوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ