وعلى ما أراد بأنه راض عنه ؛ ويوصف من كره فعل غيره ، ووقع على ما كرهه بأنه ساخط له. وكذلك يوصف العبد بما دخل تحته من الأفعال. وقد يقال في الفعل الواحد إن زيدا راض به وعمرا ساخط له إذا أراده زيد ، وكرهه عمرو. وإذا لم تكن حقيقة السخط والرضا ما ذكرنا ، لم يمتنع أن تكون هذه الصفة من صفات الذات ، وإذا كانت كذلك ، فكان من علم أنه يطيعه مرضيا عنه وهو في حال كفره ، فإذا كان العلم هو الموجب للطاعة والمعصية فلا مخرج للعبد إذا من ذلك.
قال الهادي عليهالسلام : وقد يكون العبد في المعاصي الجليلة فيكون الله ساخطا عليه معاديا له ، ثم ينتقل إلى الطاعة فينتقل عليه ضد ذلك من الرضا ، والولاية ، والمحبة والمعونة له ، وقد يكون في طاعة الله عزوجل فيكون الله راضيا عليه ، ثم ينتقل إلى المعاصي فينتقل عليه ضد ذلك الرضى وهو السخط.
واعلم أن الرضى بالفعل هو غير الرضى عن الفاعل ، وإنما يرضى عن الفاعل إذا أتى كمال مراده منه ، ولأن العبد قد يرضي الله في جميع أفعاله ، ويسخطه في وجه. تبيين ذلك أن الصغيرة الواقعة من الأنبياء عليهمالسلام مسخطة لله ، وإن كان سائر أفعالهم مرضية له. وتبيين ذلك أيضا أن الواحد منا قد يكون مرضيا لغيره في وجه ، ومسخطا له في آخر. وكذلك في طاعة الكافر وكفره. فإذا صح ذلك لم يجز متى رضي تعالى ببعض أفعال المكلف أن يكون راضيا عنه ؛ لأن الرضا هاهنا معلق بالفعل. وإنما يتعلق الرضى بالفاعل إذا أرضى الله عزوجل في أفعاله على قولنا في استحقاق المدح والثواب ، فإذا كان العبد مسخطا لله في وجه ومرضيا له في وجه ، قيل إن الله راض ببعض فعله ساخط لبعضه ، ولم يتعلق السخط والرضا هاهنا بالفاعل ، فإذا علق بالفاعل كان محالا أن يوصف الله بأنه راض على من هو ساخط عليه ، فأما الولاية من الله تعالى للمؤمنين فإنما يتولى تعظيمهم ومدحهم ، ويأمر بذلك بعد استحقاقهم لذلك بأفعالهم. وأما العداوة فحقيقتها إنزال المضار بالعاصي ، واستعمال العداوة لله من الكافر مجاز ؛ لأن الكافر لا يقدر على إنزال المضار به تعالى ، وإنما يوصف بذلك من حيث كان عدوا لأوليائه. والمحبة من الله للمؤمنين فإنما المراد بها منه إيصال المنافع إليهم تفضلا واستحقاقا.
واعلم أن هذه الصفات إرادة من حيث كان عدوا لأوليائه والمحبة من الله