ودناءتهما سواء سواء وكلاهما فقد صار إلى الهواء ، وقد قال الله سبحانه فيهما : (وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) [الحج : ٦٥] ، وقال في الطير : (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ) [النحل : ٧٩] ، فصير الطير بضعفه وصغره كالسماء بعظمها وجسمها ، لا يمسكهما غيره.
الرد على من قال : إن الله عزوجل عرشا في السماء محيطا به
فمن قال : إن لله عزوجل عرشا في السماء محيطا به فقد زعم أن العرش أوسع منه وأعظم ، وأقوى وأجسم ، فزعم أن العرش هو المحيط بالأشياء ليس الله ، وأن العرش هو الواسع ليس الله ، وأن العرش هو القوي ليس الله. ويزعم في زعمه أن الله أصغر من العرش ، إذ كان في زعمه في جوف العرش ، وكان العرش مشتملا عليه محيطا به ، فصير العرش ربه. وزعم أن العرش هو الواسع العليم ؛ إذ زعم أنه أوسع من الله العزيز الحكيم ، وأخرج الله عزوجل من قوله : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [النور : ٣٥] ـ يريد أن بحياته حييتا ، وبقدرته استقامتا ، ولو لا هو لزالتا وامحتا وهلكتا ، وهلك ما عليهما ، لو لا إحياؤه لهما ـ وقد قال الله عزوجل : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الحديد : ٣].
فنقول لهؤلاء الملحدين في الله سبحانه : أخبرونا عن العرش أهو الظاهر على الله ، أم الله الظاهر عليه؟
فإن قالوا : إن العرش هو الظاهر على الله.
قلنا لهم : فلقد أكذبكم الله في كتابه بقوله هو : (الظَّاهِرُ وَالْباطِنُ) ، فأخبر عزوجل أنه هو الظاهر ، وأنتم تقولون : إن العرش هو الظاهر ، فقد كذبتم على الله في قولكم ، وقلتم بخلاف قوله عزوجل ، وقد ضللتم ضلالا بعيدا بكذبكم على الله ، وافترائكم عليه.
وإن قالوا : بل الله هو الظاهر على جميع الأشياء ، لم يقدر أحد أن يدفع هذه الحجة عنهم.
قلنا لهم : قد قلتم بالحق ، ورجعتم إلى الصدق ، فإذا كان هو الظاهر على جميع الأشياء