٣١] ، ثم قال أيضا : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً) [الإسراء : ٣٢] ، ثم قال عزوجل : (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ) [الإسراء : ٣٣] ، (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [الإسراء : ٣٤] ، ثم قال : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) [الإسراء : ٣٦] ، ثم قال : (وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً) [الإسراء : ٣٩] ، أفترى الله سبحانه قضى أن يجعل معه إلها آخر ورضي ذلك أو أراده أو شيئا مما ذكرنا من قتل المشركين أولادهم ، ثم عظّم ذلك وذم عليه فاعله أشد الذم ، ورضي بالزنا ثم قال : (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً) ، وبقتل النفس بغير حق ، أو بأكل مال اليتيم ، أو الكذب ، ثم قال : (كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً). فإن كان قضاه سبحانه ، فكيف يسألهم عن شيء هو فعله بهم؟ وإن كان منهم فالسؤال لازم لهم والحجة عليهم. وإن كان منه ، فكيف يسألهم عن فعله؟! هو سبحانه أعلم بما يفعل بهم منهم بأنفسهم.
انظر إلى تبيان ذلك ، كيف يقول : (وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) [الكهف : ٤ ـ ٦] ، أفترى الله ، سبحانه وتقدست أسماؤه ، قضى وأمر وشاء وأراد أن يقول الجاهلون : إنه اتخذ ولدا ؛ ثم قال : (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ)؟ فكيف تكون كبيرة وهي قضاؤه وأمره؟ ثم قال : (إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) ، فكيف يقضي عليهم سبحانه بالكذب أو يكذب نفسه؟ تعالى عن إكذاب نفسه وظلم عباده ، فهو يتبرأ منه وينسبه إلى عباده. ثم قال لنبيه عليهالسلام عند ما عظم إشراكهم عنده : لعلك باخع نفسك إن لم يؤمنوا ، فلا تفعل بنفسك ذلك ، فإنا قادرون على جبرهم وقسرهم على الإيمان.
ثم قال : (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها) [الكهف : ٢٩] ، فقال مفوضا إليهم : (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) ، أفتراه قال هذا القول ، وقد منع الكافر من الدخول في الإيمان ، وحال بين الفريقين ، وبين المشيئة والاختيار لأنفسهم ، ثم قال ساخرا منهم مستهزئا بهم : (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ)؟ معاذ الله ما كان ربي بظلام للعبيد ؛ لكن مكّنهم وأعطاهم