المبين؟ كذب من قال على الله بهذا القول.
وقال تقدست أسماؤه : (إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) [الزمر : ٤١] ، فبين لهم أنه بريء من فعلهم ، وأنه إنما يجزيهم بما يكون فيهم بعد التبيين لهم ، والترغيب والتحذير : (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الأنفال : ٤٢] ، أي من أهلك نفسه بالمعصية بعد ما عرفها فهو الهالك المهلك لها ؛ لأنه مدخل لنفسه فيها ، ومن أحياها بالطاعة فقد عرف طريق الطاعة بما قلناه من تعريف الله لهم الطريقين ، وهدايته لهم النجدين ، لكيلا يكون لأحد على الله حجة.
ثم قال عزوجل : (لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى) [طه : ٦١] ، أفتراه يعني نفسه بهذا السحت؟! ثم قال : (وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ) [النساء : ١٧١] ، أفترى الله نهاهم عن قبيح اللفظ به وهو أمرهم به؟ وكره منهم أن يقولوا : (ثالِثُ ثَلاثَةٍ) [المائدة : ٧٣] ، وهو قضاه عليهم وشائه منهم ، وأراده لهم؟! جل الله عن هذه الصفة المشبهة لصفات اللعابين المتلعبين.
وقال أيضا لنبيه عليهالسلام : (لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) [التحريم : ١] ، أفترى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حرم ما أمر الله بتحريمه ، وقدره عليه وقضاه له ثم يستخبره عن ذلك التحريم فينهاه عنه ويعاتبه فيه ، ويعيبه عليه ، وهو الذي أدخله فيه وقضاه عليه؟! معاذ الله أن يكون هذا أبدا ، لكن هذا التحريم كان من فعل محمد لا من فعل الله. ألا ترى إلى أمر الله سبحانه له بترك ما لم يرضه من فعله في ذلك ، وأمره أن يرجع إلى ما أحل له ، ويكفر يمينه ، فقال : (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) [التحريم : ٢].
ثم قال سبحانه : (وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ) [ق : ٢٣ ـ ٢٦] ، ثم قال سبحانه : (قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [ق : ٢٧ ـ ٢٩] ، وقال : (الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) ، أفترى الله سبحانه الذي أضله وأمره أن يجعل معه إلها آخر ثم يقول (فَأَلْقِياهُ) ، يعني : الضال والمضل؟ أفتراه أراد بهذا نفسه؟ إذ كان في قولهم