المسألة الأولى : عن استطاعة الرسل من بني آدم ترك البلاغ وتغيير الوحي
فكان أول ما سأل عنه أن قال : أخبرونا عن رسل الله ، من بني آدم ، هل جعل الله لهم السبيل والاستطاعة إلى ترك البلاغ؟ ولو شاءوا لغيروا ما أمروا به من تبليغ الوحي والعمل بالسنن؟ أو ألزموا على ذلك إلزاما ، فلا يستطيعون على تركه ولا الزيادة فيه ولا النقصان منه؟
فإن قالوا : نعم ، قد جعل الله لهم سبيلا واستطاعة لترك البلاغ ، فلوا شاءوا لغيروا ما نزل إليهم من كتابه وحكمته ؛ فقد دخلوا في أعظم مما كرهوا حين زعموا أن الرسل لو شاءوا لم يعبدوا الله بالتوحيد ، ولم يعملوا له بطاعة ، إذ زعموا أنهم كانوا يقدرون على كتمان الوحي والسنن (٢٠٣)
فيقال لهم : وأنتم الآن لا تدرون هل بلغت الرسل كل ما جاءهم من الوحي والسنن أم لا؟
فإن قالوا : نعم ، يقدر الرسل على كتمان الوحي والسنن إذا أرادت ذلك ؛ احتج عليهم. وإن قالوا : لم يكن الرسل يقدرون على كتمان الوحي ولا إبدال الفرائض ولا ترك البلاغ ، لأن الله ألزمهم البلاغ إلزاما ، فلا يقدرون على تركه وكتمانه ؛ فقد أجابوا ، وفي ذلك نقض لقولهم.
جوابها :
بسم الله الرحمن الرحيم
فكان أول ما سأل عنه ، أن قال : أخبرونا عن قولكم فيما نسأل عنه ، نبئونا ، هل الأنبياء صلوات الله عليهم ، مستطيعون لعمل فعلين متضادين في حالين مختلفين؟
__________________
(٢٠٣) في (ب) : من السنن.