قص قصة موسى صلى الله عليه ، وذكر فضله وتبليغه (٢١٢) وصبره واجتهاده ، وفعله في الإنجيل الذي أنزله على عبده المسيح ، المطهر من كل قبيح ، صلوات الله عليه ، ثم قص قصة عيسى على محمد ، وذكر له قصته من اجتهاده وتبليغه ، وتبليغ غيره من الرسل ، فقال : (وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) [الصف : ٦] ، فصدق بما جاء به موسى ، وبشر بما أمر من التبشير به من البشير النذير ، الرءوف بالمؤمنين الرحيم محمد الرسول الكريم ، ثم ذكر لنا في كتابه أن رسوله قد بلغ وأنذر ، وأخبر أنه قد أدى كل ما يجب عليه ، فقال : (ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ) [المائدة : ٩٩] المبين ، وقال : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ) [الذاريات : ٥٤] ، ولو كان منه صلىاللهعليهوآله غير الاجتهاد لم يقل سبحانه : (فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ) ، فقد برأه الله من كل دنس ولوم.
فقد بطلت حجة من أراد الطعن على الأنبياء المهتدين ، المؤدين لأمر الله الخانعين (٢١٣) ، بما قال عنهم وذكر فيهم رب السماوات والأرضين ، والحمد لله وسلامه على المرسلين.
(تمت المسألة (٢١٤))
المسألة الثانية : من أخطر المعصية على بال إبليس وكيف علم إبليس عن ذرية آدم؟
ثم أتبع هذه المسألة ، فقال : أخبرونا عن إبليس ، ما أخطر المعصية على باله؟ أو من أوقع التكبر في نفسه؟
فإن قالوا : نفسه أمرته بالمعصية ، وهواه حمله على التكبر.
فقل : من (٢١٥) جعل نفسه أمارة بالمعصية ، وهواه حاملا على التكبر؟
__________________
(٢١٢) سقطت من (ب).
(٢١٣) في (ب) : الخائفين.
(٢١٤) سقطت من (ب).
(٢١٥) في (ب) : ما.